أرشيف الوسم: arab

منطقة مغلقة | שטח סגור | Closed Zone

عندما تريد أن تقدم عملا فنيا يتحدث عن قضية إنسانية مثل قضية حصار غزة فيمكنك أن تقدم عملا مثل هذا:


ارفعو الحصار (youtube)


سبع دقائق من الصياح والمناحة و”الطرارة” وصور المآسي والدمار والقتل والتدمير مما لا تعرضه أغلب المحطات المحترمة إلا ما بعد الساعة الثامنة حفاظا على مشاعر أطفالها!

أو يمكنك إنتاج دقيقة ونصف مثل هذه:




فما الفرق بين الإنتاجين؟

الفرق بسيط، العمل الأول منتج بـ”عاطفة” فياضة لا نشك بصدقها، ولكن هل يا ترى درس منتج هذا العمل تأثير الرسائل والرموز التي حواها؟ هل فكر بجمهوره المستهدف؟ هل فكر بتأثير هذه الرموز على الجمهور غير المستهدف؟ هل أخذ بالحسبان مسألة اللغة المستخدمة؟ أقصد هنا كلا اللغتين المنطوقة والمرئية، هل العمل موجه للعالم أم للعرب؟ هل المعنى هو -كما فهمته – هو إشعاري “بالخجل” من نفسي لأني -كما يفترض المنتج- خذلت غزة وتخليت عنها؟ ما هو “الأكشن” المتوقع مني كمشاهد أن أقوم به؟ أحزن؟ أبكي؟ ألطم؟! أو “أتعاطف”.

العمل الثاني، كما فهمته، هو عمل تبصيري، أي أنه وخلال ثوان قليلة يشرح للمشاهد بشكل مبسط رؤية المنتج للوضع القائم في غزة، عرض لنا مبدأ واحدا فقط وبشكل مركز… وهو مبدأ الحرية… حرية الحركة بالتحديد، عناصر العمل ورموزه وحتى عنوانه جميعها مترابطة ومركزة، أهم عنصرين بالعمل هما الطائر والشاب، وكلاهما يعبران عن نفس المبدأ المرموز له بوضوح لأي مشاهد، ولا أظن بأني بحاجة لشرح أكثر لأن أهم ما يميز العمل هو بساطته.

العمل الأول كما هو ظاهر من إنتاج شركة خاصة… فجزاهم الله خيرا، العمل الثاني من إنتاج جمعية غير ربحية تحمل اسم “مسلك: مركز للدفاع عن حريّة الحركة “، مدير الرسوم المتحركة العمل هو يوني جودمان… وهو نفس مدير الرسوم المتحركة لفيلم والتز مع بشير Waltz with Bashir الفلم الإسرائيلي الذي رشح للأوسكار عام 2009، إن كان الاسم يبدو مألوفا فربما لأنني تحدث عن الفلم في موضوع سابق.

لماذا الحب قاتلنا؟

هل نحن شعوب بلغت فينا العواطف مبلغها و تشربنا الحب حتى بتنا نستنشقه في كل تمديدة من تمددات صدورنا؟

لا أعتقد ذلك!

واقعنا كما نعيشه يوميا لا يبشر بهذا الأمر و لا أعتقد بأن هناك داع لأفصل الأدلة و البراهين على ذلك.

سؤالي الأهم.. و هو محور حديثي اليوم…

لماذا إذن جميع أغانينا العربية هي أغان عاطفية؟

الغناء له الكثير من المجالات ، و لكن لماذا لا تتحدث أغانينا إلا عن الحب أو الشوق أو الهجر أو العذاب؟ ستقول لي بأن هناك الكثير من الأغاني الوطنية و أنت محق في ذلك ، و لكن الدارج بين الناس و المشتهر من ما ينتج من أغان هي الأغاني ذات الطابع العاطفي … الدليل على ذلك يتجلى بنظرة سريعة على أي قائمة توب تن في التلفزيونات أو المجلات العربية.

إن كنت تعتقد بأن هذا الأمر طبيعي و موجود في كل مكان … فأنت غلطان ! 🙂

الجدول التالي فيه مقارنة سريعة بين أغاني التوب تن عندنا و أغاني التوب تن الغربية ، بالنسبة للتوب تن الغربي فاخترت قائمة مجلة Billboard الشهيرة لتكون مصدر الدراسة ، التوب تن العربي اخترت له القائمة الموجودة في موقع إذاعة مارينا أف أم (لأني بصراحة لا أدري على أي القوائم يمكن أن أعتمد… و لا أعرف غيرها حاليا!) .

إليكم هذا الجدول الذي يحتوي على مركز الأغنية و اسمها و اسم مغنيها و تصنيفها ، التصنيف هنا اعتمدت فيه على كلمات الأغنية المجردة ، أي أنه لا يهمني لحن الأغنية أو توزيعها أو تصويرها أو معانيها المبطنة أو حتى مستواها الفكري أو الأخلاقي ، كم تتوقعون هي نسبة تواجد الأغاني العاطفية في التوب تن العربي و كم هي نسبتها في التوب تن الأجنبي؟

النسب؟

النسب واضحة وضوح شمس شهر يونيو 🙂

نسبة الأغاني العاطفية في القائمة العربية = %100

نسبة الأغاني العاطفية في القائمة الأجنبية = %50

سأدع تحليل هذه الأرقام عليكم 🙂

فهل نحن بالفعل شعوب “حبيبه”؟ أم أنها عقدة نقص؟
هل كنا دائما على هذا الحال؟ أم أنها حالة خاصة بزماننا هذا؟
هل هي مسألة عرض و طلب؟ هل الجمهور “عاوز” أغاني حب؟ أم أن المنتجين “عاوزين” جمهور يستمع لهذه الأغاني؟
هل منتجينا لا يعرفون سوى هذا النوع من الغناء؟
هل هناك أيد خفية تريد تخديرنا بجرعات من هذه المشاعر العاطفية؟ (لازم شغل مؤامرات شوي :razz:)
هل هناك مشكلة في أن تكون أغانينا بهذا الشكل؟ و هل نحن بهذه الحال أفضل من الغرب أم الغرب أفضل أم أنه لا فرق؟

موضوع يستحق دراسة عميقة.

——-
ملاحظات:

– القوائم الموجودة بالجدول هي كما وردت وقت كتابة هذا الموضوع (17/6/2010).
– لم أستمع لجميع الأغاني الواردة بتعمق و لكني خمنت المحتوى من الاستماع لمقاطع منها ، فإن كان هناك خطأ بتقييمي لتصنيفها فأرجو توجيهي لذلك.
– بعض الأغاني الأجنبية يصعب تصنيفها بدقة لأن كلماتها فلسفية نوعا ما و تخضع لتحليل المستمع لها… لكنها بالتأكيد ليست عاطفية صرفة.
– أغنية Cuatro Letras كلماتها إسبانية! (ما أدري ليش!) و لكن لقطت منها بضع كلمات (مثل “آمور”) و خمنت أنها عاطفية.
– “تظلمو” تكتب من غير مد واو الجماعة… على خلاف ما هو وارد في موقع المارينا.

Waltz With Bashir

إستمعت قبل أسابيع بالإذاعة البريطانية بينما كنت بالسيارة للقاء مع مخرج سينمائي كان يتحدث عن فلمه الجديد ، ما شدني في بداية الأمر هو اللكنة التي كان يتحدث بها.. ظننت بالبداية إنه عربي.. خاصة و أني التقطت كلمات مثل لبنان و إسرائيل و صبرا و شاتيلا ، إكتشفت لاحقا أنه كان يتحدث عن فلم يتناول قضية الحرب اللبنانية الأولى 1982 و بالذات عن مذبحة صبرا و شاتيلا ، لم أفهم من هو منتج الفلم أو مخرجه..و فكل ما التقطته هو اسم الفلم (أو هكذا اعتقدت) .. و الذي نسيته أصلا قبل أن أصل للبيت ، انتهت السالفة عند هذا الحد.. إلى أن قرأت قبل أسبوعين تقريبا على موقع مجلة التايم تقريرا مصورا يتحدث عن الأفلام الكارتونية التي تصلح للكبار….و إذا بآخر فلم منها هو نفس الفلم الذي لم أستطع تثبيت اسمه…..و نعم.. كان كارتونيا 🙂

اسم الفلم هو Waltz With Bashir ، نظرا لأنه فلم مهرجانات و ليس فيلما تجاريا وجدت صعوبة في إيجاد دار سينما تعرضه ، و لكن قبل أيام وجدت إنه يعرض بسينما قريبة منا و ذلك لمدة يومين فقط! بالطبع لم أفوت الفرصه و اتجهت فورا لمشاهدته.

بصريا.. الفلم رائع ، يجمع بين الرسوم المتحركة الثنائية و ثلاثية الابعاد و أسلوب الرسم و التحريك فيه نوع من الواقعية ذكرتني بفلم A Scanner Darkly ، صورت مشاهد الأكشن فيه بطريقة تضاهي أي فلم كارتوني غربي.. و إن كانت واقعية تلك المشاهد و ما تجسده من حوادث حقيقية تجعل من هذا الأمر أقرب للإيلام من الإثارة! و هنا أمر يميز هذا الفلم… يعني اعتدنا في أفلام الأكشن الكرتونية أن نتحمس عن اشتداد القتال مثلا.. و لكن هنا لا مجال للحماس و ذلك لإداركنا بأن ما نشاهده ليس أمرا خياليا بالكامل… بل مبني على حقائق واقعية!

الفلم لم يقدم شيئا جديدا تاريخيا ، فهو يتحدث عن أحداث حصلت بالواقع منذ 26 عاما و جميعنا سمعنا أو قرأنا عنها ، الجديد بالفلم هو طريقة عرض ذلك التاريخ ، فبطل الفلم هو جندي إسرائيلي فقد ذاكرته المتعلقة بأحداث الحرب بسبب الصدمة العاطفية التي تعرض لها خلال الحرب ، يصور لنا الفلم رحلته في تذكر تلك الاحداث عن طريق أحاديثه و لقاءاته مع زملاءه الذين كانو بدورهم -على العكس منه- يحاولون محي تلك الأيام من ذاكرتهم ، ما أيقظ رغبته في تذكر تلك الاحداث هو حلم متكرر كان يراوده… فنشاهد طوال الفلم ذلك الحلم و هو يمتد و ينحل تدريجيا حتى نهاية الفلم عندما يتحول إلى واقع.

ما أتذكره من كلام مخرج الفلم -وهو إسرائيلي- هو أن الفلم استقبل في إسرائيل بشكل إيجابي جدا ، فصحيح أن الفلم لا ينكر تورط “بعض قادة” الجيش الاسرائيلي في مذبحة صبرا و شاتيلا إلا أنه يظهر و يركز على الموقف الإسرائيلي المنكر للمجزرة و المتبرأ من الحرب ككل ، بمعنى آخر كأنه يقول “إحنا مالنا شغل… اللبنانيين المسيحيين اذبحوا الفلسطينيين المسلمين.. الله يغربل ابليسهم!” ، الفلم -كما ذكر المخرج- كان يستقبل من قبل السفارات الإسرائيلية في الخارج استقبالا احتفاليا… و يدفع دفعا للمشاركة بأي مهرجان أو مناسبة… و لهم الحق في ذلك.

الشيء الجميل -و الذكي- في فلم هو أنه كان يمسك العصى من المنتصف ، يعني هو لم يصور الجندي الإسرائيلي بإنه البطل المغوار… و لا الشريف العفيف ، بل كان تصويره له واقعيا ، فقدم الجندي الجبان.. و الجندي المتعصب.. و الجندي الغبي ، بمعنى آخر…و باختصار.. قدم شيئا لم و لن نشاهده بالأفلام العربية التي تتناول هذا النوع من القضايا! كذلك طرح الفلم نوعا من التعاطف مع الشعب الفلسطيني و العربي ، نعم نحن نفهم بأن هذا التعاطف مصطنع و أنه في أغلب الأحيان شيء غير واقعي.. بدليل نتائج انتخاباتهم و ما نشاهده يوميا في نشرات الاخبار ، و لكن الأمر مختلف بالنسبة للمشاهد الاجنبي .. فما سيراه و يتأثر فيه هذا المشاهد هو الجانب العاطفي الذي قدم له بجرعة مركزة ، و بصراحة… لولا اطلاعي البسيط على على تاريخ المنطقة في تلك الفترة لأثر فيني أنا أيضا! أو هو بالفعل أثر فيني بعد خروجي من دار العرض مباشرة..و احتجت لبضعة أيام حتى أستطيع العودة لصوابي و كتابة هذا الموضوع بتعقل.

الفلم جميل و يستحق المشاهدة ، نعم هو مأساوي و يجلب الهم قليلا…و لكنه بنفس الوقت ممتع و مثير ، أنصح بمشاهدته لمن يستطيع الحصول عليه… مع تذكر أنه للكبار فقط 🙂 ، دائما ما أقول… معلوماتنا التاريخية يجب أن تأخذ من الكتب لا الأفلام ، و لكن أستطيع القول بأن الأحداث التاريخية بالفلم لا بأس في دقتها ، فهي مبسطة (قد يكون أكثر من اللازم) و مباشرة فمن الممكن أن نشاهده بأمان قبل أو بعد أن نقرأ عن التاريخ قليلا.

————-

تحديث :

– لقاء مع مخرج العمل آري فولمان يتحدث فيه عن الطريقة التي تم فيها إنتاج العمل :

http://www.studiodaily.com/filmandvideo/technique/how/10305.html

– الجدير بالذكر أن الرسوم المتحركة تمت باستخدام برنامج “فلاش” ، و هذا أمر غريب لأن هذا البرنامج يستخدم عادة لإنتاج الرسوم المتحركة على الانترنت و ليس للسينما أو التلفزيون ، و لكن المخرج لجأ لهذه الطريقة توفيرا للمصاريف.

– سيتم طباعة قصة مصورة (Graphic Novel) مستوحاة من الفلم و إصدارها في الولايات المتحدة شهر يناير المقبل.