أرشيف الوسم: ثقافة

قراءة في إعلان زين – نداء نرفعه فيرفعنا

عندما تشاهد إعلان زين الرمضاني الجديد (2010) فإنه بالتأكيد سيشدك بتصويره المتقن و طبعا بآهات مشاري العفاسي العذبة ، و لكن -بالنسبة لي على الأقل- رسالة الإعلان غير واضحة ، فما هو معنى “أكبر من نجاحي و من فشلي”؟ و ما المقصود بـ”نداء نرفعه فيرفعنا”؟ و ما قصة هؤلاء الأشخاص و “الفلاش باكات” التي نشاهدها لهم؟

حسب النظرية السميائية (Semiotics) و التي تعنى بدراسة العلامات أو الرموز فإن فهم المتلقي للمقصود بالرمز المستخدم يتطلب أن يكون هذا الرمز متصلا بالقصد بشكل أو بآخر ، هذا الاتصال إما أن يكون مباشرا.. أن أن يستخدم صورة له ، أو يكون شبه مباشر… كأن يستخدم صورة تدل على شيء مرتبط بالمقصود منطقيا ، أو أن يكون اعتباطيا… أي يستخدم رمزا لا يمثل المقصود بشكل منطقي و لكن الاعتماد يكون على أن تكون العلاقة بينهما هو شيء متفق عليه بشكل أو بآخر ، إن لم يتوفر للرمز إحدى هذه الشروط فإن المعنى المقصود قد لا يصل لمتلقي الرسالة بسهولة ، و ذلك ما حصل معي عندما شاهدت هذا الإعلان… أحسست أن هناك شيء ناقص!

بحثت عن إعلان زين على اليوتيوب لأني أردت أن أشاهده بتمعن لعلي أستطيع كشف مغزى هذا السر المعقد ، وجدت الإعلان… بل وجدت إعلانان لنفس الحملة بالإضافة لأذان بصوت العفاسي مصحوب بنفس التصوير ، هنا تصوير الإعلان الثاني لنفس الحملة:

بالأضافة لاستخدام الموسيقى بدلا عن آهات العفاسي فإننا نجد عنصرا جديدا و هو الصبي الذي ينقل خبر الأذان لأسماع الشخصيات ، عند مشاهدة هذا الإعلان مع السابق فإنه سيتم إيجاد الرابط المنطقي بين الرمز و معناه! بالتالي ستصبح عملية فهم رسالة الإعلان الرمزية أسهل 🙂 ، فما هي هذه الرسالة؟

يمكن تلخيصها بالتالي :

———–

القصد هو أن المؤذن عندما يقول “الله أكبر” فهذا تذكير لنا بأن الله أكبر و أهم من أي شي نكون فيه

يعني حتى لو كنا في وسط “هوشة”.. فالله أكبر و أهم من هذه الهوشه.. فلا نعطها أكبر من حجمها

و إن كنا مستمتعين بنجاحنا.. فالله أكبر منا و من نجاحنا… لا بأس في أن نفرح لكن لا يدخل علينا الغرور

بوسط المرض أو الملل أو الحزن نحس بأن الدنيا قفلت و ضاقت و ليس هنالك شيء أكبر مما نحن فيه… لكن الله أكبر من كل هذا

و عندما نكون فرحين بدنيانا و بنعمة الله علينا.. فلا تشغلنا هالدينا.. لأن الله أكبر من الدنيا و من فرحتها و وناساتها و أكبر من أحلى ما فيها

الله أكبر

نرفع هذه الكلمة بلساننا كل يوم.. و ترفع بآذاننا كل يوم.. من أول يوم ولدنا فيه

و الكلمة تذكرنا بما هو أعلى و أهم و أكبرمن كل شي بالدنيا و من هو قادر على أن يرفعنا عن كل سوء يصيبنا و يرفع قلوبنا عن كل شي يشغلها

فهو بذلك… نداء نرفعه فيرفعنا

———–

ملاحظات:

– هذا هو ثالث أعلان رمضاني لشركة زين و ثاني تعامل رمضاني لهم مع مشاري العفاسي.
– بداية تعاون زين مع العفاسي كانت مع خدمة العفاسي الهاتفية ، التي كانت ترعاها بالسابق شركة أيواجلف.
– شركة أيواجلف كانت الراعي السابق لإذاعة ستارز ستيشن و التي إنضمت لاحقا لإذاعة المسلمون لتكون موقع و إذاعة مسلم ستارز.
– من المواضيع القديمة التي تستحق القراءة إن كان هذا الموضوع قد أعجبك هو تحليلي لفيدو كليب نشيدة “طلع البدر علينا” لمشاري العفاسي.
– شركة زين Zain هي أول شركة خاصة للإتصالات في الكويت ، كانت تعرف سابقا باسم شركة الإتصالات المتنقلة MTC.

شيخ الفنانين: خليفة القطان و الدائرية – فلم وثائقي قصير


Sheik of the Artists: Khalifa Qattan and Circulism (Short Documentary) from Moayad Hassan on Vimeo.

شاهد الفلم كاملا و اقرأ المزيد عنه على:

www.sheikoftheartists.com

This post in English

شيخ الفنانين: خليفة القطان و الدائرية هو فلم وثائقي قصير قمت بإنتاجه مؤخرا بعد إنهاء دورة تدريبية في الجامعة حول التعامل مع الإعلام الحديث و الاتصال مع الجماهير في الإطار الأكاديمي ، الهدف من الدورة هو تعلم مهارات تقديم البحوث الأكاديمية المعقدة للجمهور بشكل مبسط و يستطيع عامة الناس فهمه بعيدا عن التعقيدات و المصطلحات الأكاديمية المقعرة.. و ذلك أمر في غاية الصعوبة!

بعنى آخر و باختصار… هذا الفلم يقدم أول فصلين من رسالة دكتوراتي في سبع دقائق.

رسالة دكتوراتي هي في مجال تاريخ الفن و تتحدث عن الفنان الكويتي الراحل خليفة القطان (١٩٣٤-٢٠٠٣) ، خليفة القطان يعتبر من رواد الفن في الكويت و من أبرز الناشطين في مجال النهضة الثقافية خلال الستينات و السبعينات من القرن العشرين ، في بداية الستينات طور القطان أسلوبا و نظرية جديدة في الفن أطلق عليها اسم “الدائرية” أو “السيركلزم” (Circulism) ، تغطي الرسالة كما كبيرا من المواضيع المتعلقة بتاريخ الفن التشكيلي الكويتي و نشأته و علاقته بالفنون السائدة بالمناطق التي كانت على علاقة مع الكويت و كيف تطور مع تطور التعليم في البلاد ، كما تتناول حياة خليفة القطان و العوامل التي أثرت على فنه و دفعته نحو تأسيس نظريته الدائرية كظروف دراسته في الكويت و في أوربا و تأثره بحالة التغير الكبير في المجتمع الكويتي اجتماعيا و سياسيا و اقتصاديا خلال الفترة من الأربعينات و حتى الستينات ، و تدرس كذلك النظرية الدائرية ذاتها و تعريفها و علاقتها ببقية مذاهب الفن الحديث بالإضافة لتطبيقاتها و مواضيعها.

قد أكون مقلا بالحديث عن موضوع دراستي من خلال مدونتي… ربما لأني أعتبر المدونة ملاذا لي من ويلات الدراسة 😀 ، و لكني تناولت تحليلا لعمل واحد من أعمال الفنان و ذلك في موضوع مركب الخير و يد العطاء.

ساعدني في إنتاج هذا العمل زوجتي عذوب و ذلك عند التصوير في متحف الباربر ، كما قامت كذلك بعملية التعليق و تأليف الموسيقى التصويرية ، الموسيقى التصويرية هي عبارة عن ألحان كويتية معروفة مرتبطة بموضوع العمل ، فنان مثل خليفة القطان عانى الكثير في سبيل فنه و لطالما اشتكى من غربته في مجتمعه الذي لم يتقبل ما كان يحاول تقديمه بسهولة ، و لكن عزم الفنان و أصراره كان هو سبيله لإيصال رسالته رغم التحديات ، المزيد عن الجانب الموسيقي و نظرة أخرى للعمل كموضوع استرجاع الذكريات تقرؤونها في مدونة عذوب.

الجمهور المستهدف عند إنتاج هذا العمل كان الطبقة الأكاديمية من مختلف التخصصات من زوار موقع الجامعة حيث أنه من المفترض عرضه عليه ، و لكني ارتأيت أن أقوم بترجمة العمل و إطلاق موقع خاص به يعرض الفلم بالإضافة لمعلومات موجزة تكمل ما قدم من خلاله و ذلك حتى نواصل مسيرة خليفة القطان الذي طالما سعى لتقديم صورة زاهية عن وطنه الكويت يتحدى بها الصورة النمطية حول كون الكويت بلد النفط و المال و الصحارى و الجمال!

بالختام أتمنى لكم مشاهدة ممتعة و مفيدة ، كما أتمنى المساهمة في نشر هذا العمل حتى نوصل للجميع معلومة جميلة و صحيحة عن التاريخ الحديث لمنطقتنا و عن مكانتها الحضارية.

موقع العمل :

www.sheikoftheartists.com

طاحونة للبيع

مربع إعلان جوجل الموجود أسفل العامود الجانبي في مدونتي يكفي لإلهامي بعشرات المواضيع لطرافة بعض ما يأتي به من إعلانات ، صيدة اليوم بالذات “ما تتطوف” 🙂

mill

هل ترغب بشراء طاحونة؟

تساءلت بالبداية ، هل فعلا هو موقع لبيع طواحين الهواء؟ يمكن أحد يبي يسوي مطحنة دقيق ببيتهم.. ليش لأ

قلت لا.. مو معقولة ، ربما هو موقع لبيع مطاحن للقهوة و المكسرات و ما إلى ذلك… يمكن أحد يبي ينافس الرفاعي مثلا…

ما ينفع التخمين ، لا بد من التحقيق 😎

بما أني ممنوع من الضغط على إعلاناتي بنفسي فقد قمت بإدخال العنوان المكتوب بشكل يدوي :

http://www.Break-Bay.com/Arab

لا تحاول الضغط على الرابط لأنه غلط أصلا !

أدخلت الرابط بدون Arab لمشاهدة الصفحة الرئيسية ، لحسن الحظ هناك رابط للصفحة العربية و التي عنوانها يجب أن يكون بالشكل التالي :

http://www.break-bay.com/ar

ما هي الطاحونة يا ترى؟

طلعت الطاحونة شيء مثل هذا :

الكسارة المخروطية الزنبركية
الكسارة المخروطية الزنبركية

أو هذا :

كسارة صدم
كسارة صدم

أو هذا :

مطحنة ضغط عال بشكل معين منحرف
مطحنة ضغط عال بشكل معين منحرف

يعني أشياء كبيرة و مرعبة تقوم بطحن و تكسير الأحجار و المعادن !

أما الشركة المصنعة فهي شركة الفجرية للمعدات الصناعية الثقيلة المحدودة ، طبعا لا تسأل ليش “الفجرية”.. لأن أسمها بالانجليزي هو Henan Liming Road & Bridge Heavy Industry Co., Ltd ! و هذه نبذة عنها :

شركة المحدودة الفجرية للصناعية الثقيلة – الجسور و الطرق تقع في المنطقة تكنلوجية تابع في مقاطعة ” خنان ” ،مساحة المصنع 30000متر مربع هي التي تصنع أنواع من الكسارة والطحونة، جمعت ببحوث و انتاجية و مبيعات مؤسسة بنظام مساهمة مشتركة.مبلغ المبيعات في داخل الوطن أكثر من 180مليونات و مبلغ التصدير الدولي يصلوا علي تسعة مليونات وثمان مائة ألف دولار أمريك

و النعم و الله بأهل مقاطعة خنان 😀 ، والله إنكم أبرك من ربعنا إللي مو مخلين لنا مشروع مفيد يمشي مثل العالم ! كفاية إنهم يصدرون تصدير دولي بتسعة مليونات دولار أمريك 😛

الحين… منو يبي طاحونة؟

الموسوعة العلمية الميسرة

دام السالفه خربانه خربانه…

موضوعي اليوم هو عن كتاب.. نعم هو كتاب أثري و منشور عام 1985 تقريبا.. لكني لا أبالغ إن قلت أنه من الكتب التي صقلت حياتي وطريقة تفكيري أثناء طفولتي.

كتاب الموسوعة العلمية الميسرة ، من اسمه.. هو موسوعة تحتوي على الكثير من المعلومات العلمية المتعلقة بالكون والفضاء والفيزياء وعلوم الضوء والصوت والحرارة والكهرباء وغيرها من العلوم، ويتحدث عن الكثير من الاختراعات وطريقة عملها، يعني فيه كل شيء كنت أحبه… أو ربما هو الذي جعلني أحب كل ما فيه.. مو متأكد.

الكتاب كان سميك ويحوي 300 صفحة تقريبا، لكني قريته كله … وهذا شيء مو هين بالنسبة لطفل ما بين المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، كان الكتاب ملازما لي في كل مكان، أذكر مرة خالتي سألتني عن كتابي وشنو فيه، فقلت لها إن هالكتاب يعلمج تسوين أي شي تبينه.. فقالت لي.. “عيل أبي تشوفلي شلون يسوون علاليق حق الملابس!” 😀

شريته من معرض الكتاب لما نصحني فيه أبوي وقالي كلمة مشابهة للي قلتها حق خالتي… إن الكتاب يعلمني شلون تشتغل الاشياء وفيه معلومات عن كل شي، يمكن لأن الكتاب نقوة الوالد صرت له قيمة خاصة؟ أكيد هالشيء كان له تأثير.

أستمر تعلقي بهالكتاب لفترة طويلة جدا وما زال موجودا في مكتبتي بالكويت، صج إن غلافه مشلوع وأوراقه مهترئة ومتروس شخابيط…. لكنه موجود 🙂

آخر استخدام له كان لما كنت أراويه لتلاميذي لما كنت مدرس تربية فنية للمرحلة المتوسطة علشان يشوفون الرسومات اللي فيه واللي في موسوعة الطبيعة الميسرة واللي شريتها بعدها بسنه من معرض الكتاب اللي بعده، والكتابين اللي يميزهم هو الكم الكبير من الرسومات المصورة الرائعة اللي فيهم.

نعم الكتابين أثريين، نعم بعض المعلومات اللي فيهم ممكن تكون صارت قديمة شوي، ونعم إحنا بعصر الانترنت والويكيبيديا… ولكن بإذن الله إذا كبروا بناتي سأحرص على أن تطلعا على هاذين الكتابين وتستفيدا منهما، وأدعو أي واحد عنده أطفال انه يقتني هاذين الكتابين، أكيد مازالا موجودين في معرض الكتاب عند دار لبنان، أو أون لاين من النيل والفرات.

——–
دام إن المواضيع الأثرية كثرت.. سويت لهم كاتيجوري خاص وسميته:

Nostalgia

انتخاب الفكرة


omma

تعمدت خلال الفترة السابقة أن أتجنب الكتابة في السياسة و لم أفكر بالعودة لها -مؤقتا- الا بعد أن استقرت الأمور في البلد -نسبيا- و بعد أن أحسست بحاجة لطرح فكرة محددة أردت التعبير عنها.

بالبداية أود أن أشيد بأحد الكتاب الرائعين و الذي يمتعني و يفيدني بكتاباته اليومية في جريدة الجريدة ، الكاتب الشاب حمد نايف العنزي.. أحد الكتاب القلائل جدا الذين أحرص على متابعة أعمدتهم بشكل شبه يومي ، كتب حمد العنزي قبل أسابيع مقالا هاما جدا طرح من خلاله قضية بغاية الحساسية و هي قضية إشهار الأحزاب في الكويت ، أهم ما يميز مقالة الأخ أحمد -و يميز أغلب كتاباته- هو طرح القضية بشكل متوازن ، ذكر من خلال تلك المقالة كلا الرأيين.. المعارض و المؤيد لإشهار الاحزاب و ذكر بالنهاية وجهة نظره الشخصية تاركا للقارئ حرية تكوين رأيه كما يشاء وفق ما قدم له من معطيات ، أنصح و بشدة قراءة مقال حمد العنزي بعنوان الأحزاب السياسية في الميزان! في جريدة الجريدة بتاريخ 6/5/2008.

كنت أستمع للإذاعة البريطانية يوم أمس و كان الموضوع المطروح من خلالها هو النظام الطبقي في بريطانيا ، في السابق كانت الطبقية أمر مسلم به في بريطانيا و أجزاء كبيرة من أوربا ، يعني هناك الطبقة الارستقراطية المالكة من جانب و الطبقة العاملة من جانب آخر ، يعني الشغله كانت عادية… ناس تملك و ناس تشتغل عندها ، و لكن من بعد الثورة الفرنسية تغيرت أوربا -و بريطانيا من ضمنها- ليصبح النظام الطبقي شيئا من الماضي ، فذابت الحواجز بين تلك الطبقات و أصبح الكل لديه القدرة على التملك و ظهرت الطبقة المتوسطة بشكل واضح ، ما طرح من خلال البرنامج هو عودة الطبقة العاملة الفقيرة مرة أخرى للوجود في بريطانيا مؤخرا ، هو أمر قد لا يكون ملاحظا بوضوح ولكن ، كما قال ضيف البرنامج ، هناك عائلات كثيرة في بريطانيا قد تملك جهاز تلفزيون مع دي في دي.. و لكنها لا تملك مقومات الحياة الأساسية كالمسكن المناسب و المأكل الصحي.

الآن ، ما يهمنا من الموضوع هو ما قاله ضيف البرنامج بعد ذلك ، أحد أسباب المشكلة الطبقية تلك هو أن الحزبين الرئيسيين في بريطانيا تحولا إلى عبدين يسعيان إلى إرضاء تلك الطبقة الغنية المالكة و نسيا الطبقة التي تحتاج الرعاية أكثر من غيرها ، ثم قال ، و هذا مربط الفرس ، أن الحاجة الآن هي لتأسيس حزب جديد يرعى مصالح تلك الطبقة و يسعى جديا لحل مشاكلها.

سواء تم تأسيس ذلك الحزب أم لا… سواء نجح أم لم ينجح… و سواء حقق ذلك الحزب المبتغى منه أم لم يحقق هي أمور غير مهمة الآن ! ما يهم هو فكرة أن يؤسس حزب و يجمع الناس من حوله و توضع له الخطط و البرامج إعلاء لفكرة محددة أو مبدأ واضح و دقيق ، قد لا يحقق الحزب الجديد نجاحا سياسيا مباشرا فور تكوينه… و لكنه بالتأكيد سيكون لنفسه ثقلا و يمارس ضغطا لابد و أن تحسب له بقية الاحزاب حسابا و بذلك يكون قد بدأ بتحقيق مبتغاه تدريجيا.

لنتخيل الآن أن الأحزاب لا وجود لها ، أو بمعنى أخر لنتخيل أن تلك القضية طرحت لدينا في الكويت ، من سيسعى لحلها؟ أي نائب أو مرشح سيتبناها؟ كم نائب أو مرشح سيهتم بها؟ إن وعد مرشح أو نائب.. أو مجموعة من النواب أو المرشحين بحلها… من سيتابعهم و يحاسبهم بعد ذلك على اهتمامهم أو تقصيرهم تجاه تلك القضية؟ باختصار ستكون تلك القضية ورقة أخرى تضم لملفات القضايا التي تنتظر حلا منذ عقود من الزمن!

الآن لنتخيل أننا سعينا لتكوين أحزابا “فكرية” في الكويت تهتم بشؤون المرأة أو التعليم أو الاسكان أو حقوق الانسان أو البدون أو البيئة.. كيف سيكون حال هذه القضايا و الاهتمام بها؟ قد يقول القائل أنه بالفعل لدينا حركات و تجمعات و تيارات إسلامية و ليبرالية و قبلية و بطيخية! .. فما حاجتنا “للأحزاب”؟ باختصار تلك التجمعات و التكتلات والحركات هي منظمات (أو غير “منظمات”) تحمل أفكارا و مبادئ و توجهات عامة ومشتتة، أغلب أعضاء مؤيدو الحركات والتكتلات الحالية هم من حملة الأفكار العامة أو التوجهات العامة أو حتى النَسَب لتلك المنظمات، أي أن ما يجمع أعضاء ومؤيدي الحركة الفلانية هو كونهم يعتنقون المذهب الفلاني أو يتبعون أفكار العالم أو الشيخ الفلاني أو ببساطة ينتمون إلى القبيلة الفلانية، في هذه الحالة الولاء سيكون للمذهب أو الشخص أو القبيلة قبل أن يكون لقضية بذاتها.. وهنا مكمن الخطأ… خاصة في ظل عدم وجود قانون ينظم عمل هذه المنظمات و يوفر سبل متابعتها و محاسبتها، أضف لذلك أن وضع الحركات والمنظمات الحالية عائم عندما يكون الحديث عن تحالفاتها مع بعض أو صفقاتها مع الحكومة، فلا مبدأ يحدد طبيعة تلك التحالفات والصفقات إلا “المصلحة” البحتة.. وليس بالضرورة أن تتوافق تلك المصلحة مع مصالح الشعب! لذلك نرى الليبرالي فجأة أصبح “من ربع” الإسلامي… والتاجر فجأة وقف في صف القبلي… وكل ذلك يتم تحت مسمى “المصلحة” الوطنية، فمن في هذه الحالة يستطيع أن يقف في وجه هذه التحالفات أو يسأل عن “المصلحة” الحقيقية من ورائها؟ أضف لذلك أنه بالوضع الحالي لا يستطيع الناخب أن يحاسب حتى المرشح الفرد على مواقف تياره أو كتلته، فإن وقفت له بخيمته وسألته عن موقف كتلته السلبي حول قضية ما فإنه يستطيع بسهولة أن يقول: “أنا فلان الفلاني، رأيي الجماعة لا يمثلني!”، هذا الأمر من المستحيل أن يحدث في الدول التي لديها قوانين تنظم العمل الحزبي فيها.

بالبداية كان -و لازال- اختيار المرشح يرجع لشخصه ، بعد ذلك جربنا الاختيار وفقا لتوجه أو تيار أو قبيلة ، و كلا التجربتين تدور حول نجاحهما الكثير من علامات التعجب و الاستفهام ، والآن… ألم يحن الوقت لنجرب اختيار الفكرة كبديل لهما؟ برأيي أن الوقت حان لنفكر جديا في ذلك الأمر.