أرشيف الوسم: photography

ألوان نص ونص

في منتصف التسعينات من القرن الماضي ظهر لنا مغني “البوب” العربي عمرو دياب بفيديو كليب كسر الدنيا في ذلك الوقت لأغنية “راجعين” ، و حسب ما أذكر أنه تم إنتاجه في المملكة المتحدة و كلف “المبلغ الفلاني”.. الأمر الذي لم يكن سائدا في ذلك الوقت ، لعل أبرز ما كان يميز ذلك الفيديو كليب هو مقدمته التي صورت بالأسود و الأبيض دلالة على فترة الأربعينات التي تمثلها… و وسط هذا العالم الأسود و الأبيض يظهر لنا بطل الأغنية و هو “يتمخطر” وسط الجموع عديمة اللون… بالألوان!

amr

دلالة هذه “الحركة” واضحة بالفيديو كليب ، فعمرو دياب هو زائر من المستقبل (1995) بينما العالم الذي يزوره هو الماضي (1942) بالتالي الماضي يتمثل بالأسود و الأبيض و المستقبل بالألوان ، و طبعا مسألة الماضي والحاضر نسبية و تعتمد على مكان تواجدنا على خط الزمن….. مو هاذي سالفتنا 🙂

حركة خلط عنصر ملون بخلفية بالأسود و الأبيض -بالفيديو- كانت أمرا عجيبا في ذلك الوقت.. بالنسبة لنا على الأقل ، و لكنها حتى في عام 1995 لم تكن أمرا جديدا… فقد استخدمت قبلها -على سبيل المثال- في فلم Last Action Hero لحاكم كاليفورنيا آرنولد شوارتزنيغر و بشكل كان في غاية الإبهار! طبعا الفلم كان منتجا عام 1993.

كل ذلك كان على صعيد الفيديو و السينما ، أما على صعيد التصوير الفوتوغرافي و التصميم .. فهذه “الحركة” تذكرني ببطاقات المعايدة و كروت بوكيهات الورد التي انتشرت بفترة سابقة لهذا كله ، للأسف لم أجد مثالا لها… و لكن من عاصروا فترة أواخر الثمانينات و أوائل التسعينات ربما يتذكرون صورة الرجل “الكاشخ” بالبدلة و الذي يخبئ خلف ظهره بوكيه ورد أحمر… و طبعا البوكيه هو الوحيد الذي كان ملونا… بينما بقية الصورة كانت بالأسود و الأبيض ، أو صورة الطفلة -الأسود و الأبيض- التي ترتدي قبعة ذات لون وردي فاقع ، إن ذهبت لمحلات الورد في حولي ربما تجد بعضها ما زال يبيع مثل تلك الكروت.

نرجع بالتاريخ للخلف لنجد هذه اللقطة :


flag
John Gage, Colour in Art, 2006, p 151

هذه لقطة من فلم Battleship Potemkin للمخرج الروسي Sergei Eisenstein و المنتج عام 1925 !

في ذلك الوقت لم تكن الأفلام السينمائية الملونة شائعة ، و لكن سيرجي إيشنستاين قام بتلوين الأعلام الحمراء يدويا على مادة الفلم نفسه.. صورة صورة.. من أجل أن يحصل على هذا التأثير الذي أراد من خلاله أن يؤكد على رمز الثورة.

في القرن الواحد و العشرين و عالم الديجيتال الذي نعيش فيه اليوم أصبحت هذه “الحركة” من أسهل ما يكون ، فقط قم بالبحث عن كلمة “cutout” أو “selective colouring” و ستظهر لك مئات الدروس التي تعلمك “أساليب” القيام بها باستخدام برامج التعديل المختلفة ، و أخونا العزيز ماجد سلطان قام بشرحها بشكل مبسط… و بالفيديو.

يعني “الحركة” باتت معروفة و ليس هناك ما هو أسهل منها إن أردت تنفيذها ، و لكن السؤال هو….

لماذا ؟!

سيرجي إيشنستاين بالتأكيد كان من أوائل من استخدمها… و كان استخدامه لها له دلالات رمزية ..
كروت الثمنينات/التسعينات كانت متماشية مع موضة تلك الفترة ..
أرنولد شوارتزنيغر استخدمها بشكل جديد و مبهر جدا بالنسبة لذلك الوقت …
عمرو دياب برز بها في وقته… و استخدامه لها أيضا كان له دلالات رمزية…

و لكن… ما هو عذرك لتستخدمها اليوم؟

حب التعلم و التجربة هو شيء جميل و لا يعيبه أحد ، فلا بأس أن يتعلم الإنسان “الحركات” و يجربها.. على الأقل لإشباع فضوله ، و لكن ماذا بعد هذه التجربة؟ هل لديك دافع و هدف حقيقي لاستخدام هذه “الحركة” التاريخية؟

نعم ، المصور و الفنان الجاد يجب أن يكون لديه هدف من ما يقدمه من أعمال ، فلو سئلت “لماذا العنصر الفلاني بصورتك ملونا و الخلفية غير ملونة؟” فيجب أن يكون لديك جوابا مقنعا لذلك السؤال! و إلا مالذي ستقوله؟

“حركة”؟ “تجربة”؟ “بس جذي”؟ “لأن شكلها حلو”؟ “علشان أبي يبرز العنصر”؟

جميعها أجوبة واهية ، فالـ”الحركة” بذاتها هي ليست شيئا جديدا… بل هي قديمة جدا و انتهت موضتها منذ زمن بعد أن استهلكت و ما زالت تستهلك لتصل إلى مرحلة الكليشيه!

“الحركة” بذاتها إذن فقدت قيمتها ، إلا في حالة واحدة… إن كان هناك ما يبرر استخدامها ، يعني “إبراز العنصر” أو ” جعل شكله “حلوا” هما أمران شبه مقبولان… و لكن يبقى السؤال هو “لماذا استخدمت هذه الحركة بالذات لإبراز العنصر أو تحليته؟” بينما هناك عشرات الطرق الأخرى التي يمكن استخدامها لذلك…. كـ”تصوير” العنصر بشكل بارز و “حلو” من الأساس على سبيل المثال!

ستقول بأني أكره هذه “الحركة” و متحامل عليها؟

نعم أنا كذلك 🙂

و سأظل كذلك لجميع الاسباب التي ذكرتها أعلاه إلى أن يأتي يوما ما من يقنعني بغير ذلك… و لكني لن أحبس أنفاسي حتى يأتي ذلك اليوم 🙂

السؤال الآن بعد هذا الكلام… هل ستفكر أنت باستخدام ألوان النص و نص بعد اليوم؟

Bring the fun back

It’s been a long time since I photographed just for pure fun, without thinking about getting a good picture… or even a correct one. What ignited all that fun was our new baby camera 🙂

It might be a baby sized one, but it definitely not for babies! It’s a beast inside a small body 😀

What I liked about the D-Lux 4 is the fact that it is…. small, obviously, and very smart. The 5D has always been a burden to carry around, and an attention magnet… and I don’t mean that in the good way. Even when I decide to take the 5D out with me sometimes I find it hard to even get it out of the bag in the first place, and even when I do… it’s -literarily- a pain in the nick to carry around for a long time, especially when I’m not motivated enough.

With a compact camera you have no obligations. You don’t have to feel guilty if you carry it and never use it… because it’s just there, ready when you are, and most likely you will use it anyway. Psychologically, because the camera is small and feels like a toy you don’t feel obliged to take the perfect picture, you just.. take pictures! Pictures like these:


l1000351
In-car reading material.

l1000333
I think these mugs are still there! I’ve
been looking for them!

l1000260
It’s been a long time since since I took
a picture of a tumble dryer

l1000357
..or a button!


Not bad, is it? 🙂

Could you take fun pictures like these with a big DSLR? Sure, but not as easily. Most compact cameras, and the D-Lux 4 in particular, are very smart. Most DSLRs lack smart features like face recognition, smart scene selection or even live view. Yes, new DSLRs have live view, but who use it anyway? With a smart compact camera you don’t have to worry about the white balance or even the ISO you are using, the camera is smart (and limited) enough to use the most suitable settings.

Feeling creative? Not a problem. You can have full manual control of every single setting. You can preset your ISO, WB, A, T, ±, MM and Focus, you can even use a (real) flash and tripod or shoot RAW if you want, but why? 🙂

The big question now, will a compact camera replace my 5D?

Not in this life time!

The picture quality of the D-Lux 4 -although great- is still not as good as the quality of the full frame 5D, it’s not as sharp… and lets not talk about the colours! I still have not used the D-Lux in RAW mode, but I’m sure it will make me change my mind a little bit about the statement above when i do. Would I take a compact camera with me to a photography trip with other photographers? … they will laugh at me! And most of all, I can’t use my beautiful 70-200 mm with the D-Lux, can I?

Speaking of beautiful things, here are more fun and lovely pictures: 😀


china town birmingham arcadian
Full Auto mode. All I did was minimal exposure
and saturation adjustments. I could’ve set the
camera to do that for me though.

l1000415
Lift (elevator) shots are always tricky, but not
with a compact.

l1000245
Black and White modes (with an “s”) are very
useful.. and fun.

l1000208
I usually get this stuff from a T-max.

l1000122
The pinhole mode is also fun.. and lovely.

مشروع المئة صورة

ماذا أصور؟

سؤال يتبادر إلى ذهن المصور لمرات أكثر من اللازم كلما أراد تحديث مجموعته التصويرية أو ألبوم فلكره! فإن وجد له جوابا سهلت حياته.. و إن صعب الجواب فإن العودة إلى الأرشيف هو ملاذه.

في المرة القادمة التي تسأل بها نفسك “شنو أصور؟” لا تتوتر إن لم تجد جوابا ، فلدينا حل سريع…

هناك الكثير من الأفكار و الخطط و الحركات التي يمكن للمصور أن يلجأ لها من أجل الخروج بمشروع تصويري سريع ، و سنقدم اليوم لكم فكرة واحدة علها تفيدكم بالأيام العصيبة.

مشروع المئة صورة

فكرة المشروع ببساطة هي تقييد نفسك بتصوير مئة صورة خلال وقت قصير في مكان واحد ، في السابق كانت الفكرة هي تصوير رول فلم كامل خلال مدة قصيرة ، و لكن عالم الديجيتال سهل العملية و أعطانا حرية أكبر في تنفيذ هذا المشروع ، لا تهتم للتفاصيل كثيرا.. الفكرة هي أن تمرن إصبعك على الضغط على زر الشتر بسهولة و سلاسة و تمرن عينك على سرعة ملاحظة و تركيب التكوينات ، التفاصيل التقنية هنا لا تهم كثيرا ، طريقة و أسلوب تنفيذ هذا المشروع مرنة و تستطيع تعديلها بالشكل الذي يناسبك ، فيما يلي مجرد قواعد و نصائح يمكنك تطبيقها كما هي بالبداية إن أردت :

1- إختر الموقع:

قد يكون هذا أصعب قرار يتخذه المصور في بداية أي مشروع ، هذا المرة ليس عليك أن تقلق كثيرا حول هذا القرار ، إختر أي موقع مريح بالنسبة لك ، إحدى غرف المنزل ، حديقة المنزل ، الكراج ، داخل السيارة ، شارعكم ، جمعيتكم ، ملعب الأطفال القريب منكم ، مكتبك بالدوام ، مواقف سيارات الدوام…. الخ ، المهم أن تكون مرتاحا و أن يكون المكان يحوي على “أشياء” يمكن تصويرها.

لا تختر مكانا واسعا جدا حتى لا تضيع بداخله ، لا تقل “سأصور على شاطئ البحر” بل حدد أي جزء منه بالضبط ، و تذكر… ليس مهما أن يكون المكان جميلا بقدر ما يكون مريحا لك.

2- وقت لنفسك:

كم تحتاج لتصوير مئة صورة؟ أعط نفسك عشر دقائق ، أو خمس عشرة دقيقة كحد أقصى ، تذكر أن الهدف هو التدرب على السرعة و ليس التقاط 100 صورة رائعة!

3- إضبط إعداداتك:

ميزة التصوير بمكان واحد هي أن ظروف الإضاءة لن تتغير معك كثيرا ، إختر عدسة و إعدادات تعريض مناسبة ، كلما خف ما تحمله معك من عدة كلما كان الأمر أفضل ، إن استطعت فتجنب الفلاش لأن فترات إعادة شحنه ستأخرك ، يفضل أن تكون الكاميرة محمولة وليس على ترايبود ، إستخدم مانع الاهتزاز و إعداد التصوير المتتابع (Burst) إن أردت… فسرعة التصوير و سرعة الحركة ستؤدي للكثير من الصور المهزوزة إن لم نكن حذرين.

إستخدم نظام jpg بدلا من الـ RAW ، مئة صورة بعشرة ميجابايتات سيكون حاصلها جيجابايت كامل ! لاداعي للإسراف 🙂

4- صور ! :

خذ نظرة شاملة على المكان ، أنظر إلى الساعة ، حرك قدميك ، إرفع الكاميرا إلى عينك ، حرك سبابتك (أو أي اصبع يريحك 😛 ) و اضغط الزناد !

إقترب من الموضوع ، كلما ركزت على التفاصيل كلما زادت فرصة التقاط شيء جديد ، إستخدم العينين بنفس الوقت ، عين على المشهد و عين على الفيوفايندر ، لا تلتقط أكثر من ثلاث أو أربع صور لنفس الموضوع من نفس الزاوية ، تحرك باستمرار… لا تقف في نفس المكان لأكثر من دقيقة ، تجنب النظر إلى شاشة الكاميرا بعد كل صورة! لا تقم بمسح أي صورة!

5- إضبط نفسك :

تذكر أن عوامل التوقيت و المكان و عدد الصور هو أهم ما بهذا المشروع ، يعني لا تاخذ راحتك زيادة عن اللازم 🙂

لاداع لضبط منبه للوقت ، و لا بأس من تجازوز عدد الصور بصورتين أو ثلاث… تذكر أن لا تمسح شيئا.

6- اختر و قدم :

بما أنك صورك jpg فعملية إنزال جميع الصور إلى الكمبيوتر لن تكون صعبة ، ضع جميع الصور في مجلد أو مشروع مستقل عن بقية صورك.

الآن الق نظرة خاطفة على كل ما صورت ، قسم مارأيت إلى ثلاث فئات: صور ممتازة ، صور بحاجة لـ”شغل” ، و صور ميئوس منها ، من الطبيعي أن يكون هذا هو نفس ترتيب ندرتها… لا تخف 🙂

مهمة المشروع هنا انتهت..

الباقي يرجع لك و لذوقك ، شخصيا أفضل أن تتم التحسينات على الصور بنفس الأسلوب السريع (يعني ليس من المعقول أن تقضي ربع ساعة في تصوير مئة صورة ثم تقضي نصف ساعة في تعديل واحدة منها !) ، خزن صورك الممتازة و التي تحتاج “لشغل” و امح الصور الميئوس منها دون أن تتحسر على شبابها! لقد عرفت الطريقة الآن و تستطيع التقاط صورا لا حصر لها من نفس النوع.. فلا تبالي!

الآن ، اعرض أفضل نتائجك هنا في ردك على هذا الموضوع.. إن أردت 🙂

وراء الصورة: ربيع

نعرض في هذه الزاوية صورة لأحد المصورين و نقوم بتحليلها و النظر لما هو أبعد مما تراه العين ، في هذه الحلقة نتناول صورة ربيع للمصور almsbah.

كنا نعرف قصة الغراب الذي ضيع مشيته و مشية الحمامة ، فهل سمعنا عن “خزامة” أو “عرفجة” ضيعت لونها و لون الأوركيد؟

نعم ، يحدث ذلك أحيانا ، و لكن ليس مع زميلنا نجم المسباح..

“ربيع” .. ما أبسطه من عنوان و ما أبسطها من صورة لأبسط موضوع ، الألوان بسيطة و التكوين بسيط و الإضاءة بسيطة ، إكتملت كل عناصر البساطة في هذه الصورة و تكاملت لتصل إلى قلوبنا قبل أعيننا دون تكلف أو تعالي.

ما هي الحاجة الملحة التي تدفعنا كمصورين لأن نرسل صورة كهذه إلى صالونات الفوتوشوب من أجل “تجميلها” و “تحسينها”؟! لو كنا “صنعنا” عناصر هذه الصورة بأيدينا فهل كنا سنجعلها “أجمل” مما هي عليه الآن؟

هل “نستحي” من أن نظهر بيئتنا بجمالها الطبيعي؟ هل أصبحنا “نستعر” من “جلحة” رمالنا و تغبيرها لأوراق نباتات صحراءنا و أزهارها؟

نعم ، هذه هي أرضنا و هذه هي ألوانها… فإن كانت هي تفخر بذلك فعلينا نحن أيضا أن نعاملها بالمثل و لا نتعالى عليها… فخيرنا بفضل الله منها و لا خير لنا بسواها!

شكرا أخي نجم ، أشكر لك بساطتك و أشكر لك تذكيرنا بجمال خلقة ربنا.. كما هي.

ما هو خط الأفق؟

“صوره حلوه ، لكن عندك الأفق مايل شوي” ، تلك هي أسهل جملة “نقدية” يمكن أن تكتبها أو تقرأها كتعليق على أي صورة ، و لكن ما هي أهميتها؟ و ما هو معناها؟ و هل كل أفق مايل = صورة خاطئة؟

ما هو خط الأفق؟

خط الأفق هو الخط “الوهمي” الذي يفصل السماء عن الأرض.

لماذا وهمي؟ لأنه بالحقيقة ليس هناك خط مرسوم يفصل الاثنين عن بعض ، فالأرض كروية الشكل و السماء تغطي سطحها من جميع الجوانب ، و لكن يتراءى لأعيننا عند النظر للأفق أو تصويره أو رسمه بأن هناك “خط” بينهما لأننا نحاول بهذه الحالة تحويل المنظر الذي أمامنا من طبيعته ثلاثية الأبعاد إلى منظر ثنائي الأبعاد يقتصر وجوده على الطول و العرض فقط.. بالتالي نضطر لتخيل ذلك الخط.

ما هي فائدة خط الأفق؟

الفائدة للناظر أو الملاحظ هي نفسية بالدرجة الأولى ، أولا.. الإنسان بطبيعته يميل إلى الاستقرار ، و لتحقيق الاستقرار نحتاج للتوازن ، و التوازن بشكل عام يعني أن لا نحس بأن هناك قوة خارجية تؤثر علينا و تدفعنا للحركة رغما عنا.. قوة كالجاذبية مثلا ، في العالم الطبيعي الذي تراه العين فإن العقل يستطيع أن يوازن و ينسق بين ما تراه العين و ما يحس به الجسم ، بالتالي حتى لو كنا نجلس بشكل مائل و ننظر للأفق فإن عقلنا سيحلل الإشارة التي يتلقاها من العين و يقارنها ببقية الإشارات الحسية المرسلة له من بقية أعضاء الجسم و يقوم بمعادلة الوضع الذهني لتحقيق الاستقرار المنشود ، لهذا السبب نستطيع بسهولة أن نقرأ كتابا أو نشاهد التلفزيون حتى لو لم نكن جالسين بشكل عامودي ، و لكن الأمر مختلف لو كان الكتاب أو التلفزيون مائلا… في هذه الحالة سنقوم لا إراديا بإمالة رأسنا بمحاولة للموافقة بين أفقنا و أفق ما نراه!

من هنا تبرز أهمية أن يكون “خط الأفق” بالصورة الفوتوغرافية… أفقيا ، فليس من الممتع -في الأحوال الطبيعية- أن نضطر لإمالة رؤوسنا عند النظر لصورة!

هناك فائدة جمالية أخرى لخط الأفق و هي أنه يضبط تكوين الصورة لتوزيع أوزان الصورة و تحقيق بعض القواعد الجمالية مثل قاعدة الأثلاث ، و لكننا لن نخوض بهذا الأمر في هذا الموضوع.

أين هو خط الأفق؟



By ..george

قد يكون هذا هو أهم و أصعب سؤال في الموضوع ، لو كنا ننظر لصورة ليس بها سوى عنصري البحر و السماء لكان الجواب سهلا ، لأنه ليس في البحر لا مرتفعات و لا منخفضات عامودية تؤثر على اتجاه خط الأفق… فأي ميلان به سيكون واضحا ، و لكن وجود أي عناصر عامودية تغطي الأفق سيؤثر على تقديرنا له.

مثال :



by Sarah’s Odyssey

قياس اتجاه خط الأفق الحقيقي في هذه الصورة هو أمر شبه مستحيل ! فخط التقاء السماء بالأرض لا يمكن رؤيته لأن الجبال تغطيه ، في هذه الحالة يجب أن نلجأ لتقدير الأفق ، يمكننا أن نستخدم عناصر مساعدة كأسطح المنازل على سبيل المثال كمرجع لنا.. و إن كانت هذه الطريقة ليست دائما الأفضل! فأحيانا تشوه الصورة (Distortion) الناتج عن عدسات الوايد آنجل قد يؤثر على ميلان تلك العناصر المساعدة ، و أحيانا قد تكون تلك العناصر المساعدة نفسها مائلة بالطبيعة و لا تصلح كمرجع لقياس الأفق ، لكن العامل النفسي يلعب دورا هنا ، فنفسيا نحب أن نفكر بأن تلك البيوت هي بالفعل أفقية.. و ليست مائلة.. بالتالي ضبط خط الأفق عليها يبدو أمرا طبيعيا.

في بعض الأحيان قد ينتج لدينا خط أفق مزدوج ، مثال :



By Kuw_Son

هل نقيس الأفق من خط التقاء البحر بالأرض؟ أم من التقاء السماء بالمباني؟

الأمور أصبحت أصعب قليلا 🙂

طريقة أخرى لقياس اتجاه خط الأفق في هذه الحالة هي عدم النظر لخط الأفق من الأساس ! بل النظر للخطوط العامودية.. خاصة بالقرب من منتصف الصورة ، في هذه الحالة لبرج التحرير ، لأن المنتصف يكون أقل تأثرا بالتشويه من الأطراف ، فإن كان العنصر العامودي عاموديا فأنت بالسليم ، يمكن استخدام ذلك حتى دون ازدواج الأفق… مثال :



by Moayad Hassan

في هذه الصورة لم يأخذ خط الأفق بالحسبان على الإطلاق ، بل تم الاعتماد على خط.. “العمد” 🙂

عقل الإنسان ليس آليا.. لحسن حظنا ، فليس دائما ما يحدث الاستقرار عند النظر لأفق تام الاستواء.. بل أحيانا يهمنا التركيز على ما هو “أهم” بالصورة ، ذلك “الأهم” هو عادة العنصر الأساسي فيها ، في هذه الحالة هو الشجرة و التي تبدو مستقرة بغض النظر عن الميلان الحاصل خلفها.

لنعقد المسائل أكثر قليلا و لننظر للأمور بتجريد أكبر :



By Moayad Hasan

أستطيع في هذه الصورة أن أحدد 4 خطوط أفقية على الأقل ، أضف لذلك التشويه الذي لم يترك لنا خطا عموديا واحدا نستطيع الاعتماد عليه ! فما العمل؟

نستطيع ببساطة أن نختار أي خط أفقي تقريبا كمرجع لنا و لن تتأثر الصورة ، فالأمر ليس هندسة أو كيمياء … بل فن ، إحدى التكنيكات الفنية التي يمكن اللجوء لها في هذه الحالة هي التجريد ، لا تنظر للصورة على أنها صورة لسماء و مبان و شاطئ و رصيف و طفل… بل انظر لها على أنها مساحات لونية مسطحة ، في هذه الحالة علينا أن نوزع العناصر على هيئة “كتل” بحيث نحصل على أفضل “اتزان” بغض النظر عن اتجاه خط الأفق التقليدي ، يعني تقريبا مثل التخيل التالي :


التجريد هو موضوع طويل و يحتاج لعدة دروس مفصلة ، و لكن من أبسط الطرق لتجريد ما نراه من مناظر -طبيعية كانت أم مصورة- هي “تبربش” العين (الله يذكرك بالخير يا أستاذ عبدالحميد الرباح 🙂 ) ، فعندما نهمل التفاصيل غير الضرورية سنتمكن من التركيز على المساحات الكلية ، أو يمكننا مشاهدة الصورة بحجم صغير (Thumbnail) للحصول على تأثير مشابه.

في الصورة أعلاه نجد بأن خط الأفق -وفقا لمبدأ توزيع الكتل- هو خط التقاء المساحة المضيئة من السماء مع كتلة الغيوم… تقريبا !

المسألة بالنهاية هي مسألة موازنة بين عوامل طبيعية (الأفق الحقيقي) و نفسية (عامل الاستقرار) و تقنية/هندسية (الأفق العامودي) و فنية (التكوين المجرد) ، فهم عملية الموازنة تلك هي أساس الحصول على الأفق المثالي و تذوقه.

الآن.. هل مازالت جملة “الأفق مايل عندك” أسهل التعليقات النقدية؟

🙂