أرشيف التصنيف: Educational

تجربتنا و تجربتهم الديموقراطية الطلابية

بلغنا منتصف مارس.. و هذا يعني شيء واحد… وقت الانتخابات الطلابية في الجامعة 🙂

على خلاف علاقتي الحميمة بالانتخابات الجامعية أيام الدراسة في جامعة الكويت فإن تلك العلاقة تحولت للسطحية منذ أن تركت تلك الجامعة قبل 10 سنوات ، لكن هناك نوع آخر من الجذب تملكه الانتخابات في جامعة بيرمينغهام (جامعتي الحالية) ، نوع من الجذب جعلني أفكر في كتابة هذا الموضوع منذ فترة طويلة للمقارنة بين انتخاباتنا الكويتية و الانتخابات البيرمينغهامية.

أولا ، لعل أول ما يمكن ملاحظته هو أن موعد الانتخابات هو شهر مارس… أي منتصف الفصل الدراسي الثاني ، على خلاف انتخاباتنا الكويتية التي تبدأ بعد أسابيع قليلة من بداية الدوام الدراسي ، الطالب البيرمينغهامي لديه ما يقارب الست شهور للتعرف على ما هي الدراسة الجامعية و ما هو اتحاد الطلبة و أين هو راسه.. و أين كرياسه! بينما الطالب الكويتي المستجد يسكع بحملة عشواء للسيطرة على أفكاره من أول يوم دراسي.. و ربما قبل ذلك!

ثانيا ، بينما الانتخابات الكويتية تخوضها قوائم عريقة لها تاريخ متشابك و وتوابع اجتماعية و سياسية محيرة.. فإن من يخوض الانتخابات البيرميينغهامية هم طلبة حقيقيون لهم أسماء و صور ، نعم هناك بعض الطلبة نظموا أنفسهم في قائمة أو اثنتين.. و لكن الغالبية هم طلبة يخوضون الانتخابات فرادى.

ثالثا ، الانتخابات ليست لاتحاد شامل أو جمعية علمية متكاملة ، بل هي لتحديد رؤساء اللجان كل على حدة ، يعني هناك مرشحين للجنة السكن و آخرين للجنة الرياضة أو لجنة الديموقراطية و المساعدة أو اللجنة التعليمية أو لجنة الانشطة الطلابية ، بالإضافة للجان مثل لجنة مكافحة العنصرية و الفاشية و لجنة شؤون ذوي الاحتياجات الخاصة و لجنة شؤون الأقليات و اللجنة النسائية و غيرها ، يعني عليك أن تختار مرشحيك لسبعة عشر لجنة مختلفة… إن أردت التصويت لكل اللجان طبعا.

رابعا ، التصويت عن طريق الانترنت !!

كل شيء أصبح بالانترنت فلماذا الاصرار على الورقة و القلم و العد اليدوي؟!

الاجراءات بسيطة ، فقط أدخل اليوزر نيم و الباسوود الخاصين بك -و الذين تستخدمهما بشكل دوري لتسجيل موادك و مشاهدة نتائجك و تجييك إيميلاتك- و اضغط على زر التصويت لتظهر لك قائمة اللجان و التي من خلال الضغط عليها يمكنك مشاهدة أسماء و صور مرشحيك و اختيار من تريد منهم ، الجدير بالذكر كذلك هو أن فترة التصويت تمتد على مدى خمسة أيام و ليس بضع ساعات.

خامسا ، و لعل هذه هي أهم نقطة ، البساطة !

ليست هناك حملات انتخابية ذات ميزانيات خيالية تهدر على شكل بوسترات و لافتات و باجات و ملفات و أشرطة (شخباري أشرطة! 😛 ) و مهرجانات خطابية و نشرات و تصريحات صحفية و بالونات و كرينات و ما خفي أعظم!

جميع الاعلانات التي شاهدتها هي صناعة يدوية باستخدام الورق أو القماش و شوية أصباغ ، لم تأخذ لخطاطين محترفين.. بل هي من صنع الطلبة أنفسهم! و رغم ذلك تجد في بعضها نوع من الإبداع 🙂 (شاهد الصور أدناه).

بالإضافة لبساطة الحملة نفسها نلاحظ أيضا أن المرشحين أنفسهم ماخذين السالفة ببساطة ، لا تجد المرشح أو المرشحة “رزة” و “كشخة” ، و لا تجده يجادل هذا و يتناجر مع تلك ، ليس هناك “ضربات” موجهة و لا مؤامرات محاكة و لا هجمات تكتيكية ، بل تجد المرشح أو المرشحة (أو مسانديهم) يقومون بتوزيع الورود أحيانا أو الشوكولاته… بدلا من توزيع الشتائم و اللكمات!

أخيرا و ليس آخرا ، لا تستغرب إن رأيت مرشحا متنكرا بزي بابانويل أو سوبرمان أو مستر كنتاكي! أو مرشحة بلباس الدببة الحنونة أو دورا ذا إكسبلورا أو تعلق على رقبنا لافتة عليها شعار حلويات سمارتيز !!

تلك هي الروح المرحة لمرشحي الانتاخابات البيرمينغهامية ، المهم هو لفت الانتباه بشكل إبداعي و تكوين صورة ترسخ في ذهن الناخب ، و لا تدع تلك المظاهر تغشك.. فإنك إن تحدثت مع أحد المرشحين أو قرأت نشراته فإنك ستجد شخصا جادا له فكر منظم و جدول انتخابي واضح … يعني مو لعب عيال !

هل هناك عيوب في الانتخابات البيرمينغهامية؟

بالطبع هناك بعض العيوب ، مسألة تعقيد اللجان على سبيل المثال قد تشكل عائقا يجعل عملية التصويت أصعب ، كما أن الناتج النهائي للانتخابات لن يكون بتجانس المجلس أو الاتحاد المبني على القوائم ، مسألة التجانس مهمة لتحقيق الضغط عند الحاجة له ، و لكن في الحالة البيرمينغهامية ليس هناك داع للضعظ لأن اللجان تعمل على حدة أصلا و كل في تخصصها ، يمكن القول كذلك بأن الاتحاد الطلابي هو قوة اجتماعية أو حتى سياسية مؤثرة عندنا.. أو المفروض أن يكون كذلك.. أنا شخصيا لم أر له تحرك مؤثر “بحق”.. خلال سنين حياتي على الأقل ، و عدم الجدية (إن صح التعبير) قد تضعف الموقف الطلابي .. على الأقل بعين الناخب الذي لن يتوقع أن تتحرك دورا ذا اكسبلورا للدفاع عن معتقداته السياسية الاجتماعية !

تلك هي ملاحظاتي التي كونتها من خلال معايشتي للعمل الانتخابي الطلابي الكويتي و البيرمينغهامي ، لست بالضرورة أفضل أحد الأنظمة على الآخر… و لكن الاطلاع على تجارب الغير و الاستفادة من الصالح منها هو أمر مستحب دائما ، فإن كانت جربتنا الديمقراطية الطلابية “مقظوظة” فشيء جميع أن نستعير “رقعة” من غيرنا إن تطلب الأمر.

————-

للموضوع تتمة في القسم المصور أدناه :

لا للبدليات (1): التاء المربوطة و الهاء و همزتي القطع و الوصل

سأبدأ معكم سلسلة من المواضيع التعليمية البحتة التي سنتعلم من خلالها بعض القواعد البسيطة جدا و التي ستساعدنا على أن نكتب بشكل أفضل سواء في مدوناتنا أو منتدياتنا أو أي مكان نحتاج فيه للكتابة باللغة العربية الفصحى أو حتى العامية في بعض الأحيان ، لن نتبحر في علوم الإملاء و النحو و الصرف فذلك ليس من تخصصي أولا.. و لا أراه مناسبا كي يطرح في مدونة… و لكن سأتكلم عن بعض القواعد البسيطة جدا و التي يخطأ الكثير من الناس فيها ليس لصعوبتها… بل لعدم اهتمامهم بها في أغلب الأحيان.

أهم ما في الأمر هو أنني سأحاول أن يكون الطرح بغاية البساطة و يتماشى مع روح عصرنا الأنترنتي..

—————–

سأبدأ اليوم بموضوعين بسيطين:

الهاء أم التاء المربوطة؟
ما هو الفرق بين “بقرة” و “بقره”؟

همزة الوصل و همزة القطع؟
هل نكتبها أستاذ أم استاذ؟

أتمنى أن يستفيد الجميع من هذه المواضيع الخفيفة و أن أستفيد أنا أيضا من ما لديكم من معلومات ، مرة أخرى أذكر بأني لست متخصصا باللغة العربية… لذلك إن ورد في كلامي خطأ ما فاعذروني و صححوني بما لديكم من خبرة ، كما أنصح كذلك بحفظ الموضوع في مفضلتكم لأن التعديل و التجديد فيه شيء وارد.

و من الآن أصرح بأن نقل هذه السسلة من المواضيع متاح للجميع… لتعم الفائدة على الكل 🙂

———

الفرق بين الهاء و التاء المربوطة في نهاية الكلمة :

تفرق؟

نعم تفرق كثيرا 🙂

لمعرفة إن كان الحرف الأخير من الكلمة يكتب بالهاء أم التاء المربوطة يمكننا القيام باختبار بسيط جدا ، قم بتحريك آخر حرف ، يعني أضف إليه ضمة أو تنوين !

مثال :

مقلمة ٌ
أم
مقلمه ٌ

هل نقرأها “مقـ-لـ-مـ-تون” أم “مقـ-لـ-مـ-هون” … إن كانت “تون” (بالتاء) فهي تاء مربوطة و ليست هاء.

إذا هي تاء مربوطة في هذه الحالة… مقلمة

مثال ثاني :

قتله ُ
أم
قتلة ُ

هل نقول “قتلهو” أم “قتلتو” ؟

ماكو شي اسمه “قتلتو”.. أكو قتلتهُ.. أي هي قتلته ، لكن ما نقول هو قتلتو! .. نقول (نطقا) هو “قتلهو” ، أي تقرأ هاء مضمومة ، و بما أنها تقرأ هاء فهي إذن هاء.. و ليست تاء مربوطة.

قتله

نرجع لمثال البقر

نستطيع كتابة “بقرة” ، و نستطيع كتابة “بقره” ، فما الفرق بين الحالتين؟

البقرةُ .. هو الحيوان الثدي الذي نأخذ منه الحليب.

بقرهُ .. معناها أن شخصا ما “بقر” شيئا ما ، أي أدخل فيه سكينا و “شقه”.

بسيطة أليس كذلك؟

سبب الربكة و الحيرة عند التعامل مع الهمزة و التاء المربوطة يرجع أولا لأننا أحيانا “نستخف” بالفرق بينهما… و هذا أمر خطير كما رأينا ، و السبب الثاني هو أننا اعتدنا على تسكين آخر حرف من الكلمة عند نطقها و ذلك هربا من إعرابها! و عند التسكين سيختفي الفرق لأن بالحالتين سنقرأها هاء! .. لذلك حاول أن تتخلى عن عادة التسكين… على الأقل عند التعامل مع الكلمات الهائية.

———–

همزة الوصل و همزة القطع:

الفرق بين الهمزتين أمر حساس و قد يكون أكثر إرباكا من مسألة الهاء و التاء المربوطة قليلا لأن لمسألة هنا ترجع لفصاحة الكاتب و سلامة نطقه.

التفريق بينهما يتم بشكل صوتي ، يعني خذ وقتا في قراءة الكلمة بتمعن.. هل تنطق الهمزة أم لا؟

مثال :

ما هو الأصح؟

دخل الاستاذ الفصل
أم
دخل الأستاذ الفصل

ما رأيك أنت؟

هل نقرأها “دخل الستاذ الفصل” أم “دخل الـ أ ُ ستاذ الفصل”؟

همزة الوصل تشبه “نطقا” الحالة الأولى ، أي أنها لا تقرأ… أو لا تقرأ بوضوح ، أما همزة القطع ففهيها نعطي الـ “أ” حقها بالنطق ، في هذه الحالة إن لم نعط الهمزة حقها سيكون كلامنا كأنه كلام واحد هندي يتكلم عربي! الستاذ! وين قاعدين ؟!

الأستاذ… همزة قطع تعطى حقها الكامل.

مثال :

يا بني افعل ما أمرتك
أم
يا بني إفعل ما أمرتك

هل ممكن أن ننطقها ” يا بُـ-نيـ-يفـ-عل ما أمرتك” ؟

ليش لأ؟ 🙂

في هاذه هذه الحالة ممكن جدا أن “نصل” الياء الأخيرة من كلمة “بني” في كلمة “افعل”.. دون أن نتحول إلى هنود!

حاول أن تفعل نفس الشيء مع كلمة أمرتك ، “افعـ-لماارتك”… عفيسه ، مو؟!

أسهل طريقة هي وضع الكلمة في وسط جملة ، فإن نطقنا الهمزة بقوة كانت همزة قطع وجب كتابتها “أ”.. أو “إ” ، أما إن كان من الممكن دمجها مع الكلمة التي قبلها فهي همزة وصل لا تكتب… يكتفى بالعصاية “ا”.

مرة أخرى ، أكثر ما يسبب الربكة في هذه المسألة هو أننا نكتب الكلمة مستقلة بذاتها.. بالتالي ستكون بدايتها محركة فننطق الهمزة على كل حال ، بينما إن وضعناها وسط جملة سيتضح لنا الفرق.

أما المسبب الثاني للربكة فهو أننا في كثير من الأحيان ببساطة نتكاسل عن ضغط الـ shift !

———–

ملاحظات :

– من الأخطاء الشائعة جدا في مسألة التاء المربوطة هي كتابة بعض الأسماء المؤنثة مثل: فاطمة ، عائشة ، دانة ، آية بالهاء ، هل نقول فاطمهون أم فاطمتون؟ هل هي فاطمهو بنت محمد أم فاطمتو بنت محمد؟

– هناك إشكالية أخرى بخصوص التاء آخر الكلمة ، فهل نكتبها مربوطة أم مفتوحة؟ … هذه مسألة آخرى سنتاولها في مواضيع أخرى إن شاء الله

– ال التعريف دائما تبدأ بهمزة وصل ! أبدا لا تكتب “ألشمس مشرقة” !!!

-أتمنى إن محد يصيد علي بدلية في هذا الموضوع 😛
——–

في مواضيع قادمة سنتناول قضايا أخرى مثل متى تكتب الهمزة على الألف أو متى تكتب على الواو أو السطر أو الكرسي؟ و كيف نكتب الأعداد… كتابة ، و طبعا المجال مفتوح لاقتراحاتكم و ملاحظاتكم.

لا تنس الجزء الثاني:

لا للبدليات (٢): أين أضع الهمزة؟

ألوان نص ونص

في منتصف التسعينات من القرن الماضي ظهر لنا مغني “البوب” العربي عمرو دياب بفيديو كليب كسر الدنيا في ذلك الوقت لأغنية “راجعين” ، و حسب ما أذكر أنه تم إنتاجه في المملكة المتحدة و كلف “المبلغ الفلاني”.. الأمر الذي لم يكن سائدا في ذلك الوقت ، لعل أبرز ما كان يميز ذلك الفيديو كليب هو مقدمته التي صورت بالأسود و الأبيض دلالة على فترة الأربعينات التي تمثلها… و وسط هذا العالم الأسود و الأبيض يظهر لنا بطل الأغنية و هو “يتمخطر” وسط الجموع عديمة اللون… بالألوان!

amr

دلالة هذه “الحركة” واضحة بالفيديو كليب ، فعمرو دياب هو زائر من المستقبل (1995) بينما العالم الذي يزوره هو الماضي (1942) بالتالي الماضي يتمثل بالأسود و الأبيض و المستقبل بالألوان ، و طبعا مسألة الماضي والحاضر نسبية و تعتمد على مكان تواجدنا على خط الزمن….. مو هاذي سالفتنا 🙂

حركة خلط عنصر ملون بخلفية بالأسود و الأبيض -بالفيديو- كانت أمرا عجيبا في ذلك الوقت.. بالنسبة لنا على الأقل ، و لكنها حتى في عام 1995 لم تكن أمرا جديدا… فقد استخدمت قبلها -على سبيل المثال- في فلم Last Action Hero لحاكم كاليفورنيا آرنولد شوارتزنيغر و بشكل كان في غاية الإبهار! طبعا الفلم كان منتجا عام 1993.

كل ذلك كان على صعيد الفيديو و السينما ، أما على صعيد التصوير الفوتوغرافي و التصميم .. فهذه “الحركة” تذكرني ببطاقات المعايدة و كروت بوكيهات الورد التي انتشرت بفترة سابقة لهذا كله ، للأسف لم أجد مثالا لها… و لكن من عاصروا فترة أواخر الثمانينات و أوائل التسعينات ربما يتذكرون صورة الرجل “الكاشخ” بالبدلة و الذي يخبئ خلف ظهره بوكيه ورد أحمر… و طبعا البوكيه هو الوحيد الذي كان ملونا… بينما بقية الصورة كانت بالأسود و الأبيض ، أو صورة الطفلة -الأسود و الأبيض- التي ترتدي قبعة ذات لون وردي فاقع ، إن ذهبت لمحلات الورد في حولي ربما تجد بعضها ما زال يبيع مثل تلك الكروت.

نرجع بالتاريخ للخلف لنجد هذه اللقطة :


flag
John Gage, Colour in Art, 2006, p 151

هذه لقطة من فلم Battleship Potemkin للمخرج الروسي Sergei Eisenstein و المنتج عام 1925 !

في ذلك الوقت لم تكن الأفلام السينمائية الملونة شائعة ، و لكن سيرجي إيشنستاين قام بتلوين الأعلام الحمراء يدويا على مادة الفلم نفسه.. صورة صورة.. من أجل أن يحصل على هذا التأثير الذي أراد من خلاله أن يؤكد على رمز الثورة.

في القرن الواحد و العشرين و عالم الديجيتال الذي نعيش فيه اليوم أصبحت هذه “الحركة” من أسهل ما يكون ، فقط قم بالبحث عن كلمة “cutout” أو “selective colouring” و ستظهر لك مئات الدروس التي تعلمك “أساليب” القيام بها باستخدام برامج التعديل المختلفة ، و أخونا العزيز ماجد سلطان قام بشرحها بشكل مبسط… و بالفيديو.

يعني “الحركة” باتت معروفة و ليس هناك ما هو أسهل منها إن أردت تنفيذها ، و لكن السؤال هو….

لماذا ؟!

سيرجي إيشنستاين بالتأكيد كان من أوائل من استخدمها… و كان استخدامه لها له دلالات رمزية ..
كروت الثمنينات/التسعينات كانت متماشية مع موضة تلك الفترة ..
أرنولد شوارتزنيغر استخدمها بشكل جديد و مبهر جدا بالنسبة لذلك الوقت …
عمرو دياب برز بها في وقته… و استخدامه لها أيضا كان له دلالات رمزية…

و لكن… ما هو عذرك لتستخدمها اليوم؟

حب التعلم و التجربة هو شيء جميل و لا يعيبه أحد ، فلا بأس أن يتعلم الإنسان “الحركات” و يجربها.. على الأقل لإشباع فضوله ، و لكن ماذا بعد هذه التجربة؟ هل لديك دافع و هدف حقيقي لاستخدام هذه “الحركة” التاريخية؟

نعم ، المصور و الفنان الجاد يجب أن يكون لديه هدف من ما يقدمه من أعمال ، فلو سئلت “لماذا العنصر الفلاني بصورتك ملونا و الخلفية غير ملونة؟” فيجب أن يكون لديك جوابا مقنعا لذلك السؤال! و إلا مالذي ستقوله؟

“حركة”؟ “تجربة”؟ “بس جذي”؟ “لأن شكلها حلو”؟ “علشان أبي يبرز العنصر”؟

جميعها أجوبة واهية ، فالـ”الحركة” بذاتها هي ليست شيئا جديدا… بل هي قديمة جدا و انتهت موضتها منذ زمن بعد أن استهلكت و ما زالت تستهلك لتصل إلى مرحلة الكليشيه!

“الحركة” بذاتها إذن فقدت قيمتها ، إلا في حالة واحدة… إن كان هناك ما يبرر استخدامها ، يعني “إبراز العنصر” أو ” جعل شكله “حلوا” هما أمران شبه مقبولان… و لكن يبقى السؤال هو “لماذا استخدمت هذه الحركة بالذات لإبراز العنصر أو تحليته؟” بينما هناك عشرات الطرق الأخرى التي يمكن استخدامها لذلك…. كـ”تصوير” العنصر بشكل بارز و “حلو” من الأساس على سبيل المثال!

ستقول بأني أكره هذه “الحركة” و متحامل عليها؟

نعم أنا كذلك 🙂

و سأظل كذلك لجميع الاسباب التي ذكرتها أعلاه إلى أن يأتي يوما ما من يقنعني بغير ذلك… و لكني لن أحبس أنفاسي حتى يأتي ذلك اليوم 🙂

السؤال الآن بعد هذا الكلام… هل ستفكر أنت باستخدام ألوان النص و نص بعد اليوم؟

مشروع المئة صورة

ماذا أصور؟

سؤال يتبادر إلى ذهن المصور لمرات أكثر من اللازم كلما أراد تحديث مجموعته التصويرية أو ألبوم فلكره! فإن وجد له جوابا سهلت حياته.. و إن صعب الجواب فإن العودة إلى الأرشيف هو ملاذه.

في المرة القادمة التي تسأل بها نفسك “شنو أصور؟” لا تتوتر إن لم تجد جوابا ، فلدينا حل سريع…

هناك الكثير من الأفكار و الخطط و الحركات التي يمكن للمصور أن يلجأ لها من أجل الخروج بمشروع تصويري سريع ، و سنقدم اليوم لكم فكرة واحدة علها تفيدكم بالأيام العصيبة.

مشروع المئة صورة

فكرة المشروع ببساطة هي تقييد نفسك بتصوير مئة صورة خلال وقت قصير في مكان واحد ، في السابق كانت الفكرة هي تصوير رول فلم كامل خلال مدة قصيرة ، و لكن عالم الديجيتال سهل العملية و أعطانا حرية أكبر في تنفيذ هذا المشروع ، لا تهتم للتفاصيل كثيرا.. الفكرة هي أن تمرن إصبعك على الضغط على زر الشتر بسهولة و سلاسة و تمرن عينك على سرعة ملاحظة و تركيب التكوينات ، التفاصيل التقنية هنا لا تهم كثيرا ، طريقة و أسلوب تنفيذ هذا المشروع مرنة و تستطيع تعديلها بالشكل الذي يناسبك ، فيما يلي مجرد قواعد و نصائح يمكنك تطبيقها كما هي بالبداية إن أردت :

1- إختر الموقع:

قد يكون هذا أصعب قرار يتخذه المصور في بداية أي مشروع ، هذا المرة ليس عليك أن تقلق كثيرا حول هذا القرار ، إختر أي موقع مريح بالنسبة لك ، إحدى غرف المنزل ، حديقة المنزل ، الكراج ، داخل السيارة ، شارعكم ، جمعيتكم ، ملعب الأطفال القريب منكم ، مكتبك بالدوام ، مواقف سيارات الدوام…. الخ ، المهم أن تكون مرتاحا و أن يكون المكان يحوي على “أشياء” يمكن تصويرها.

لا تختر مكانا واسعا جدا حتى لا تضيع بداخله ، لا تقل “سأصور على شاطئ البحر” بل حدد أي جزء منه بالضبط ، و تذكر… ليس مهما أن يكون المكان جميلا بقدر ما يكون مريحا لك.

2- وقت لنفسك:

كم تحتاج لتصوير مئة صورة؟ أعط نفسك عشر دقائق ، أو خمس عشرة دقيقة كحد أقصى ، تذكر أن الهدف هو التدرب على السرعة و ليس التقاط 100 صورة رائعة!

3- إضبط إعداداتك:

ميزة التصوير بمكان واحد هي أن ظروف الإضاءة لن تتغير معك كثيرا ، إختر عدسة و إعدادات تعريض مناسبة ، كلما خف ما تحمله معك من عدة كلما كان الأمر أفضل ، إن استطعت فتجنب الفلاش لأن فترات إعادة شحنه ستأخرك ، يفضل أن تكون الكاميرة محمولة وليس على ترايبود ، إستخدم مانع الاهتزاز و إعداد التصوير المتتابع (Burst) إن أردت… فسرعة التصوير و سرعة الحركة ستؤدي للكثير من الصور المهزوزة إن لم نكن حذرين.

إستخدم نظام jpg بدلا من الـ RAW ، مئة صورة بعشرة ميجابايتات سيكون حاصلها جيجابايت كامل ! لاداعي للإسراف 🙂

4- صور ! :

خذ نظرة شاملة على المكان ، أنظر إلى الساعة ، حرك قدميك ، إرفع الكاميرا إلى عينك ، حرك سبابتك (أو أي اصبع يريحك 😛 ) و اضغط الزناد !

إقترب من الموضوع ، كلما ركزت على التفاصيل كلما زادت فرصة التقاط شيء جديد ، إستخدم العينين بنفس الوقت ، عين على المشهد و عين على الفيوفايندر ، لا تلتقط أكثر من ثلاث أو أربع صور لنفس الموضوع من نفس الزاوية ، تحرك باستمرار… لا تقف في نفس المكان لأكثر من دقيقة ، تجنب النظر إلى شاشة الكاميرا بعد كل صورة! لا تقم بمسح أي صورة!

5- إضبط نفسك :

تذكر أن عوامل التوقيت و المكان و عدد الصور هو أهم ما بهذا المشروع ، يعني لا تاخذ راحتك زيادة عن اللازم 🙂

لاداع لضبط منبه للوقت ، و لا بأس من تجازوز عدد الصور بصورتين أو ثلاث… تذكر أن لا تمسح شيئا.

6- اختر و قدم :

بما أنك صورك jpg فعملية إنزال جميع الصور إلى الكمبيوتر لن تكون صعبة ، ضع جميع الصور في مجلد أو مشروع مستقل عن بقية صورك.

الآن الق نظرة خاطفة على كل ما صورت ، قسم مارأيت إلى ثلاث فئات: صور ممتازة ، صور بحاجة لـ”شغل” ، و صور ميئوس منها ، من الطبيعي أن يكون هذا هو نفس ترتيب ندرتها… لا تخف 🙂

مهمة المشروع هنا انتهت..

الباقي يرجع لك و لذوقك ، شخصيا أفضل أن تتم التحسينات على الصور بنفس الأسلوب السريع (يعني ليس من المعقول أن تقضي ربع ساعة في تصوير مئة صورة ثم تقضي نصف ساعة في تعديل واحدة منها !) ، خزن صورك الممتازة و التي تحتاج “لشغل” و امح الصور الميئوس منها دون أن تتحسر على شبابها! لقد عرفت الطريقة الآن و تستطيع التقاط صورا لا حصر لها من نفس النوع.. فلا تبالي!

الآن ، اعرض أفضل نتائجك هنا في ردك على هذا الموضوع.. إن أردت 🙂

ما هو خط الأفق؟

“صوره حلوه ، لكن عندك الأفق مايل شوي” ، تلك هي أسهل جملة “نقدية” يمكن أن تكتبها أو تقرأها كتعليق على أي صورة ، و لكن ما هي أهميتها؟ و ما هو معناها؟ و هل كل أفق مايل = صورة خاطئة؟

ما هو خط الأفق؟

خط الأفق هو الخط “الوهمي” الذي يفصل السماء عن الأرض.

لماذا وهمي؟ لأنه بالحقيقة ليس هناك خط مرسوم يفصل الاثنين عن بعض ، فالأرض كروية الشكل و السماء تغطي سطحها من جميع الجوانب ، و لكن يتراءى لأعيننا عند النظر للأفق أو تصويره أو رسمه بأن هناك “خط” بينهما لأننا نحاول بهذه الحالة تحويل المنظر الذي أمامنا من طبيعته ثلاثية الأبعاد إلى منظر ثنائي الأبعاد يقتصر وجوده على الطول و العرض فقط.. بالتالي نضطر لتخيل ذلك الخط.

ما هي فائدة خط الأفق؟

الفائدة للناظر أو الملاحظ هي نفسية بالدرجة الأولى ، أولا.. الإنسان بطبيعته يميل إلى الاستقرار ، و لتحقيق الاستقرار نحتاج للتوازن ، و التوازن بشكل عام يعني أن لا نحس بأن هناك قوة خارجية تؤثر علينا و تدفعنا للحركة رغما عنا.. قوة كالجاذبية مثلا ، في العالم الطبيعي الذي تراه العين فإن العقل يستطيع أن يوازن و ينسق بين ما تراه العين و ما يحس به الجسم ، بالتالي حتى لو كنا نجلس بشكل مائل و ننظر للأفق فإن عقلنا سيحلل الإشارة التي يتلقاها من العين و يقارنها ببقية الإشارات الحسية المرسلة له من بقية أعضاء الجسم و يقوم بمعادلة الوضع الذهني لتحقيق الاستقرار المنشود ، لهذا السبب نستطيع بسهولة أن نقرأ كتابا أو نشاهد التلفزيون حتى لو لم نكن جالسين بشكل عامودي ، و لكن الأمر مختلف لو كان الكتاب أو التلفزيون مائلا… في هذه الحالة سنقوم لا إراديا بإمالة رأسنا بمحاولة للموافقة بين أفقنا و أفق ما نراه!

من هنا تبرز أهمية أن يكون “خط الأفق” بالصورة الفوتوغرافية… أفقيا ، فليس من الممتع -في الأحوال الطبيعية- أن نضطر لإمالة رؤوسنا عند النظر لصورة!

هناك فائدة جمالية أخرى لخط الأفق و هي أنه يضبط تكوين الصورة لتوزيع أوزان الصورة و تحقيق بعض القواعد الجمالية مثل قاعدة الأثلاث ، و لكننا لن نخوض بهذا الأمر في هذا الموضوع.

أين هو خط الأفق؟



By ..george

قد يكون هذا هو أهم و أصعب سؤال في الموضوع ، لو كنا ننظر لصورة ليس بها سوى عنصري البحر و السماء لكان الجواب سهلا ، لأنه ليس في البحر لا مرتفعات و لا منخفضات عامودية تؤثر على اتجاه خط الأفق… فأي ميلان به سيكون واضحا ، و لكن وجود أي عناصر عامودية تغطي الأفق سيؤثر على تقديرنا له.

مثال :



by Sarah’s Odyssey

قياس اتجاه خط الأفق الحقيقي في هذه الصورة هو أمر شبه مستحيل ! فخط التقاء السماء بالأرض لا يمكن رؤيته لأن الجبال تغطيه ، في هذه الحالة يجب أن نلجأ لتقدير الأفق ، يمكننا أن نستخدم عناصر مساعدة كأسطح المنازل على سبيل المثال كمرجع لنا.. و إن كانت هذه الطريقة ليست دائما الأفضل! فأحيانا تشوه الصورة (Distortion) الناتج عن عدسات الوايد آنجل قد يؤثر على ميلان تلك العناصر المساعدة ، و أحيانا قد تكون تلك العناصر المساعدة نفسها مائلة بالطبيعة و لا تصلح كمرجع لقياس الأفق ، لكن العامل النفسي يلعب دورا هنا ، فنفسيا نحب أن نفكر بأن تلك البيوت هي بالفعل أفقية.. و ليست مائلة.. بالتالي ضبط خط الأفق عليها يبدو أمرا طبيعيا.

في بعض الأحيان قد ينتج لدينا خط أفق مزدوج ، مثال :



By Kuw_Son

هل نقيس الأفق من خط التقاء البحر بالأرض؟ أم من التقاء السماء بالمباني؟

الأمور أصبحت أصعب قليلا 🙂

طريقة أخرى لقياس اتجاه خط الأفق في هذه الحالة هي عدم النظر لخط الأفق من الأساس ! بل النظر للخطوط العامودية.. خاصة بالقرب من منتصف الصورة ، في هذه الحالة لبرج التحرير ، لأن المنتصف يكون أقل تأثرا بالتشويه من الأطراف ، فإن كان العنصر العامودي عاموديا فأنت بالسليم ، يمكن استخدام ذلك حتى دون ازدواج الأفق… مثال :



by Moayad Hassan

في هذه الصورة لم يأخذ خط الأفق بالحسبان على الإطلاق ، بل تم الاعتماد على خط.. “العمد” 🙂

عقل الإنسان ليس آليا.. لحسن حظنا ، فليس دائما ما يحدث الاستقرار عند النظر لأفق تام الاستواء.. بل أحيانا يهمنا التركيز على ما هو “أهم” بالصورة ، ذلك “الأهم” هو عادة العنصر الأساسي فيها ، في هذه الحالة هو الشجرة و التي تبدو مستقرة بغض النظر عن الميلان الحاصل خلفها.

لنعقد المسائل أكثر قليلا و لننظر للأمور بتجريد أكبر :



By Moayad Hasan

أستطيع في هذه الصورة أن أحدد 4 خطوط أفقية على الأقل ، أضف لذلك التشويه الذي لم يترك لنا خطا عموديا واحدا نستطيع الاعتماد عليه ! فما العمل؟

نستطيع ببساطة أن نختار أي خط أفقي تقريبا كمرجع لنا و لن تتأثر الصورة ، فالأمر ليس هندسة أو كيمياء … بل فن ، إحدى التكنيكات الفنية التي يمكن اللجوء لها في هذه الحالة هي التجريد ، لا تنظر للصورة على أنها صورة لسماء و مبان و شاطئ و رصيف و طفل… بل انظر لها على أنها مساحات لونية مسطحة ، في هذه الحالة علينا أن نوزع العناصر على هيئة “كتل” بحيث نحصل على أفضل “اتزان” بغض النظر عن اتجاه خط الأفق التقليدي ، يعني تقريبا مثل التخيل التالي :


التجريد هو موضوع طويل و يحتاج لعدة دروس مفصلة ، و لكن من أبسط الطرق لتجريد ما نراه من مناظر -طبيعية كانت أم مصورة- هي “تبربش” العين (الله يذكرك بالخير يا أستاذ عبدالحميد الرباح 🙂 ) ، فعندما نهمل التفاصيل غير الضرورية سنتمكن من التركيز على المساحات الكلية ، أو يمكننا مشاهدة الصورة بحجم صغير (Thumbnail) للحصول على تأثير مشابه.

في الصورة أعلاه نجد بأن خط الأفق -وفقا لمبدأ توزيع الكتل- هو خط التقاء المساحة المضيئة من السماء مع كتلة الغيوم… تقريبا !

المسألة بالنهاية هي مسألة موازنة بين عوامل طبيعية (الأفق الحقيقي) و نفسية (عامل الاستقرار) و تقنية/هندسية (الأفق العامودي) و فنية (التكوين المجرد) ، فهم عملية الموازنة تلك هي أساس الحصول على الأفق المثالي و تذوقه.

الآن.. هل مازالت جملة “الأفق مايل عندك” أسهل التعليقات النقدية؟

🙂