أرشيف الوسم: war

من فنون الأزمات: الجورنيكا

بابلو بيكاسو، الجورنيكا، ١٩٣٧
بابلو بيكاسو، الجورنيكا، ١٩٣٧
الزمن: ربيع ١٩٣٧
المكان: قرية جورنيكا، منطقة الباسك، إسبانيا

في خضم الحرب الأهلية الإسبانية طائرات من قوات الجيش الألماني والإيطالي الفاشية تقصف القرية المسالمة مخلفة مئات القتلى ودمارا شاملا لها، أخبار وصور الدمار تنتشر في الصحف العالمية، كارثة إنسانية مرعبة!

كردة فعل على هذه الكارثة.. الحكومة الإسبانية تكلف فنانها بابلو بيكاسو برسم عمل فني يعبر عن حجم المأساة ليتم عرضه خلال معرض باريس الدولي.

النتيجة: أحد أعظم الأعمال الفنية الإنسانية في تاريخ البشرية

العمل عبارة عن جدارية زيتية ضخمة (أكثر من سبعة أمتار عرضا وثلاثة طولا) إمتازت بألوانها السوداء القاتمة، لم يحمل بيكاسو هم نقل العمل إلى باريس لأنه كان يعيش فيها وقت ورود خبر الكارثة إليه، لذلك بيكاسو لم يشهد الحادثة ولكنه شاهد صورها بالصحف الباريسية.. ولعل هذا يمثل أحد تعليلات اختياره للتون الأسود تأسيا بالصور أحداية اللون التي طالعا بالجرائد.

تحوي اللوحة على العديد من الرموز المعبرة عن المأساة، المباني المحترقة، النساء الباكيات، أناس في أوضاع ما بين الهلع والألم والموت، حصان يصرخ، أضواء لمبة وشمعة، ثور إسباني.. وغيرها، تحليلات تلك الرموز لا تنتهي، ولا يتطلب الأمر أن تكون خبيرا بالنقد الفني حتى تكتشف مدى الأسى والألم والتحدي الموجود فيها.

خلال الحرب العالمية الثانية كانت القوات النازية – كما يقال – تمنع نشر وتداول اللوحة لأنها كانت تستخدم بالمناشير المناهضة للنازية، يحكى كذلك أن القوات النازية كانت تتحرش ببيكاسو حتى سأله أحدهم عن صورة للوحة كانت معلقة بمنزله في باريس: “أنت صنعت هذه اللوحة؟”، فأجابهم بيكاسو: “كلا، أنتم صنعتوها!“.

بعد باريس انتقلت اللوحة لتعرض في دول مختلفة حول العالم لتستقر في الولايات المتحدة، في عام ١٩٦٨ أبلغ الديكتاتور الإسباني فراشيسكو فرانكو بيكاسو بأمله أن تنتقل الجورنيكا لتستقر في إسبانيا، لكن بيكاسو رفض ذلك وأخبره أن انتقال اللوحة إلى إسبانيا مقرون بشروط.. أهمها عودة الديموقراطية إلى إسبانيا لتصبح جمهورية مرة أخرى! وبالفعل، لم تدخل الجورنيكا إسبانيا إلا بعد وفاة فرانكو وما زالت هناك حتى اليوم.

في عام ١٩٥٥ طلب الرئيس الأمريكي نيلسون روكفيلير من بيكاسو أن يبيع اللوحة حتى يتم عرضها في مبنى الأمم المتحدة، لكن بيكاسو رفض بيع اللوحة، عوضا عن ذلك أنتج نسخة “نسيجية” منها وضعت عند مدخل قاعة مجلس الأمن، في عام ٢٠٠٣ وأثناء مؤتمر صحفي سبق الحرب على العراق تمت تغطية اللوحة بستارة زرقاء، المسؤولون ذكروا أن سبب تغطية اللوحة كان لكونها تسبب تشويشا للمصورين، لكن النقاد ذكروا أن سبب محاولة إخفائها هو التناقض بين المؤتمر الذي جاء ملوحا بالحرب وبين اللوحة التي طالما رمزت للسلام ولقبح الحروب وآثارها المدمرة للبشرية.

Beirut II بيروت ٢

 

الفن والواقع

من عادتي قبل التوجه لأي معرض فني جديد أن أكون صورة مسبقة عن هذا المعرض وأطمح – غالبا – بأن يعارض الواقع فكرتي المسبقة! و معرض بيروت ٢ (Beirut II) المقام في الفترة ما بين ٦ يونيو إلى ١٨ يوليو في قاعة CAP في الكويت قام بالفعل بمخالفة فكرتي المسبقة.. ولا أدري إن كانت هذه المخالفة شيئا إيجابيا أم سلبيا! فتوقعاتي عن العرض كانت بأن أرى بيروت المسالمة “الجميلة” مجسدة بأعمال الفنانين اللبنانيين المشاركين، أحببت لو كانت “جميلة” لأن الواقع “غير الجميل” شيء ليس بغائب عنا.. فنراه يوميا في نشرات الأخبار التي تلاحقنا ولا نلاحقها، فالفن بالنسبة لي هو مجال للانسلاخ من الواقع لتقديم ما هو مختلف.. عله يكون علاجا لآلام مجتمعاتنا المثقلة بالجراح، لا أقصد هنا بأن يتحول الفن إلى “بروباجاندا” موجهة.. فتلك وظيفة وزارات الإعلام وليس الفنانين! ولكن أقصد بأنه لا بأس بأن يستغل الإبداع الإنساني كمهرب من الواقع.. أو على الأقل بأن يتم التعبير من خلاله عن هذا الواقع بشكل أكثر سموا عنه… وهذا ما لم يتحقق من خلال الكثير من الأعمال المقدمة من خلال هذا المعرض.

ربما يكون الوسط الذي قدمت أعمال المعرض من خلاله يفرض هذا النوع من الواقعية، فالأعمال تراوحت بين الأفلام وتركيبات الفيديو (Video Installations) والفوتوغرافيا والخامات المتعددة (Mixed Media).. فهي بالتالي تعتمد بشكل أو بآخر على الانعكاس “البصري” للمشهد الواقعي، تدافع بارعة مراد منظمة المعرض عن هذه الأعمال بقولها بأن هذا النوع من الأعمال منتشر بين الفنانين اللبنانيين في الوقت الحالي – خاصة بين الفنانات اللبنانيات – ولذلك أرادت أن تركز على هذا الوسط، ومما زاد واقعية المعرض وجود العديد من أعمال الفيديو الوثائقية أو التسجيلية البحتة، وحول سؤال عن الحد الفاصل بين الفلم الوثائقي والفني تقول بارعة بأنه خط غير واضح المعالم، فالأعمال الوثائقية المعروضة برأيها تتميز بالموضوعية وتركز على قضايا إنسانية قدمت كما هي بأدنى تدخل من قبل الفنان وهي بالتالي تمثل تصويرا لحقيقة موجودة على أرض الواقع لم يقم الفنان إلا بنقلها كتجربة إنسانية.

بيروت والحرب

ملاحظتي على المعرض بأن جميع الأعمال المقدمة من خلاله تناولت موضوع “الحرب” وآثارها بشكل أو بآخر، بل وأن الكثير من الأعمال الفنية اللبنانية – حسبما لاحظت – التي قدمت منذ الثمانينات وحتى اليوم تدور حول موضوع الحرب… بما في ذلك مواضيع اللاندسكيب – والتي يفترض بأن تمثل جمال الطبيعة – كما يذكر عبدالله كاهل وكما أوضحت في مقال سابق، لذلك سألت بارعة مراد عن ما إذا كان ممكن لبيروت أن تعيش ويظهر إبداع فنانيها دون الحرب، فكان جواب بارعة بأن “الحرب هي واقع لبناني” وبالتالي فإنه من الطبيعي أن تنعكس الحرب وما يتعلق بها من قضايا على الثقافة فتصبح جزءا من الحديث اليومي لأفراد المجتمع وتخرج ممزوجة بفنونه وآدابه، وتذكر كذلك بأن الظروف التي سبقت المعرض صادفت التأثر بأحداث مثل مقتل الحريري والعدوان الاسرائيلي عام ٢٠٠٦ بالإضافة للاضرابات التي لحقت ذلك وبالتالي فإنه من الطبيعي أن نشاهد تأثير ذلك على الأعمال المقدمة، وترى كذلك بأن الإبداع والجمال من الممكن أن يظهر في الحرب والسلم على حد سواء، فليس صحيحا بأنه لابد من وجود عذاب ومرارة حتى يبدع الإنسان مستشهدة بفن دافنشي وميرو، فالفن حالة من التفكير… وأنت لست بحاجة لظروف متطرفة حتى تقوم بالتفكير كما ترى بارعة.

بارعة مراد - منظمة معرض بيروت ٢

المصيدة!

قد يكون تبرير بارعة للمواضيع المقدمة من خلال المعرض منطقيا.. لكني لا أستطيع أن أتقبله كما هو دون أن أورد ملاحظاتي عليه، ربما قد يلاحظ قارئ هذه المقالة بأني لم أتطرق للأعمال المقدمة من خلال المعرض بشكل مفرد بل ركزت على موضوع المعرض ككل وعلى حديثي مع منظمة المعرض لا الفنانين المشاركين فيه ولي في ذلك حكمة، الفن المعاصر لم يعد “الفنان” هو محوره الأوحد كما كان في السابق، فالفن اليوم هو عملية فكرية معقدة وليس تقديما لأحاسيس الفنان أو أحلامه أو جنونه أو.. تراثه! فمن “يصنع” الفن اليوم هو منظومة معقدة تقدم فكرا إنسانيا شاملا تتكون من الفنان والناقد والمسوّق والعارض و – طبعا – المنظم، العمل الذي يعرض في سوق الفن اليوم ويشاهده الناس ويركز عليه الإعلام هو خلاصة فكر جميع أطراف المنظومة الفنية المعاصرة، لذلك فمنظم المعرض – وهو من يقوم بصياغة فكرته العامة واختيار الأعمال المشاركة فيه – هنا لا يقل أهمية عن الفنانين المشاركين في عملية إيصال الفكرة، والآن إن أخذنا بعين الاعتبار الرقم “٢” في عنوان معرض بيروت ٢ فسنالاحظ بأنه المرحلة الثانية في جولته العالمية بينما المرحلة الأول نشأت في النمسا.. وهنا يحق لي بأن أضع علامة تعجب صغيرة! كمعرض وجه بالأساس للجمهور “الغربي” أليس في التركيز على موضوع “الحرب” ترسيخا لصورة ذهنية “اسشراقية” موجودة مسبقا لدى ذلك الجمهور عن المنطقة العربية وعن بيروت بالذات؟ بصياغة أخرى.. عندما أشاهد معرضا فنيا عن بيروت مقدما في أوربا يظهرها كمنطقة حرب ونحن في مطلع القرن الواحد والعشرين فالأمر يتساوى عندي مع معرض يظهر الكويت كمنطقة صحراوية بخيامها و”بعارينها” وبراقع نسائها وآبارها النفطية.. في الثلث الأخير من القرن العشرين! المسألة بالنهاية مسألة اختيار للفكرة والصورة التي نريد تقديمها، قد يكون صحيحا بأن “الحرب هي واقع لبناني” كما تذكر بارعة ولكن بالتأكيد هو ليس الواقع الوحيد، هو واقع “شائع” نحن من نقوم بتعزيزه وإبرازه بقصد أو دون قصد، وأعتقد بأن بارعة وقعت في مصيدة السوق الغربي عندما قدمت له ما يوافق متطلباته وتوقعاته بينما كان بإمكانها أن تستغل الفرصة التي أتيحت لها لمفاجأته بما يخالف تلك التوقعات وتغيير ما لديه من مفاهيم عن المنطقة.

بين بيروت والكويت

عندما زرت معرض بيروت ٢ لم أستطع إلا أن أقوم بمقارنة ثقافية بين لبنان والكويت، التاريخ المشترك والتقارب الاجتماعي بين البلدين يمتد لعقود طويلة والأهم من ذلك التقارب هو وجود عوامل وظروف متشابهة مرت وتمر بالبلدين بين الحين والآخر، ربما تكون الحرب هي أشد هذه الظروف! والسؤال الوارد الآن هو: هل أثرت الحرب على الفن الكويتي كما أثرت على اللبناني؟ ربما.. لفترة محدودة.. ثم اختفى تأثيرها المباشر برأيي ومن خلال ملاحظاتي، تأثير الحرب على الفن الكويتي جاء كردة فعل ولم يتعمق بوجدان الفنان الكويتي.. وقد يكون هذا أمرا إيجابيا إن نظرنا إليه من الجانب النفسي، قد يكون الكويتيون قد اختاروا طي ذكرى الحرب بإرادتهم، فهم يخشون الحديث عن حربهم القصيرة (رغم قسوتها) لأنها ترجع لذاكرتهم صدمات مؤلمة قد تكون الحياة من دونها أسهل خاصة في ظل القبة المادية والاستهلاكية التي أحاطوا أنفسهم بها خلال العشرون عاما الماضية.. وذلك موضوع تناوناه كثيرا في مواضيع سابقة، أما اللبناني فقد “قُوي ألبو” لطول حروبه وتنوع وتعقيد أطرافها فلم يعد يخشى التعبير عنها، فمن الأسهل على اللبناني أن يرجع جميع مصاعب حياته وإحباطاته ومشاكله إلى الحروب التي مرت على وطنه… كما علق الكويتيون جميع مشاكلهم بعد التحرير على شماعة الغزو.

نضيف لما سبق كسبب للاختلاف في الطرح الإنساني لقضية الحرب بين الفنان اللبناني والكويتي أن أسلوب التعبير الفني عن الحرب – وغيرها من القضايا الإنسانية – يختلف بشكل ما بين فناني البلدين، فبينما تذكر بارعة مراد أن أسلوب الفن “التصوري” (Conceptual Art) والذي قدمت أعمال معرض بيروت ٢ من خلاله حديث عهد في لبنان ولم يولد فيها إلا من ٢٠ عاما نجد بأننا في الكويت مازلنا بانتظار المخاض الذي سيؤدي إلى ولادته لدينا! فالفنون في الكويت مازالت “تشكيلية” و”جمالية” وتعتمد على الخامات والأدوات الفنية التقليدية وتمارس من خلال مدارس ونظريات القرن السابق وبالتالي تأثيرها الإنساني لا يتوافق مع متطلبات المتذوق المعاصر ولا يعبر عن قضاياه بالشكل المؤثر.. إلا ما ندر… وذلك ربما يكون موضوعا لمقالات قادمة.

Jehan Rajab’s Invasion Kuwait: An insider’s look at the Iraqi occupation of Kuwait

Many books has been written about the Iraqi invasion of Kuwait in 1990 and the Gulf War of 1991 from a political or military perspective, such as Mohammed Heikal’s, but few are written as humanistic memoir of how life was within occupied Kuwait or about the struggling and frustration the occupation caused to the people living in Kuwait during that period, especially in English.

Jehan Rajab, the author of the book Invasion Kuwait: an English Woman’s Tale, was born in Brazil, educated in Gibraltar and Britain and lived in Kuwait for over 30 years before publishing her book. She is married to the Kuwaiti artist and art collector Tareq Rajab and worked in the management of the Tareq Rajab Museum and as the director of the New English School in Kuwait. Having lived in Kuwait for a long period of time, and stayed for the whole period of the Iraqi occupation inside Kuwait, she managed in her book to present a view on the events of the Iraqi occupation from an ‘insider’s‘ perspective that is significantly different from Heikal’s, a perspective that could be called a ‘Kuwaiti’ perspective.

Rajab didn’t just live the occupation from the inside; she, as I will demonstrate, understood the cultural impact of that occupation and expressed it in an insider’s manner. Rajab, for instance, understood the Arabic language, and in her book she dedicated pages of glossary to explain the Arabic terms she used in her book. What is more significant than the linguistic knowledge is that she is aware of the cultural background of that language. As an example of how she understands that Arabic language/culture one can refer to her explanation of the Arabic word ‘Dhuif’ when she talked about how Saddam Hussein referred to the westerner hostages he held during the first five months of the occupation as ‘guests’ (Dhuif). Rajab explains the sarcasm in the use of that Arabic word by saying Dhuif, the Arabic word for guests, who were so honoured in the Arab world, now had different and less pleasant connotations.‘[1. 1 Jehan Rajab, Invasion Kuwait: An English woma’s tale, London, 1996, p. 61] By that explanation Rajab is trying to show Saddam Hussein manipulating the horrifying concept of hostage holding by processing the word ‘hostage’ through his propaganda and making it sound less threatening by replacing it with the word ‘guest’. ‘Guest’, which is in the Arabic culture, since Arabs are the main target of his propaganda, is a meaning that has a great honorary status reminiscent of the old Arab traditions glorified by the stories of the like of Hatam Al Taee, the seventh century Arab poet who legends tells of how he used to slaughter 10 camels every night to feed his guests.

In Rajab’s narration, unlike Heikal’s, the main theme of the book is the hardship of living the everyday life in Kuwait during the occupation. Be that hardship originating from the fear of being killed or kidnapped, fear of being looted, or hardship from the lack of food, services such as electricity, water and rubbish disposal, or lack of reliable sources of information. All of which are matters Heikal did not mention in his book. In Rajab’s narration we find the Iraqis portrayed as the occupiers, and the Allied Forces as the liberators who are here to help the oppressed Kuwaitis, unlike Heikal’s narration of the war being the final result of a long global political and economic dispute over the Arabian oil, lead by the United States against the Iraqi power. In the book she talks about the damage Kuwaiti hospitals suffered and how that affected  health services in Kuwait to the extent that when she got ill, and when her son suffered an injury, they preferred to stay at home instead of going to the hospital knowing that there is not much help to be found there [2. Ibid., pp. 139-40]. She talks about how ‘while peace activities were calling for one more chance for “peace”, the people of Kuwait were each allowed five small flaps of bread a day [while staying in queues] at the main bakery once or twice a day — queues that curled like some grey fearsome snake round and round and round the block again. In the end there was no bread at all.‘ [3. Ibid., p. 90]

Invasion Kuwait by Jehan Rajab on Amazon.co.uk

Those scenes of hardship and terror are not to be found in Heikal’s book or in the majority of books published about the ‘Gulf War’. Most of the books consider the ‘War’ itself, the 1991 war, as the main event; everything else is either a preparation to that war or a consequence of it. Rajab’s book on the other hand is not titled War Kuwait, but speakingly Invasion Kuwait, since the main events it describe starts from the 2nd of August 1990 and ends on the 26th of February 1991, events which took place mainly within the borders of Kuwait, anything out of this time and place is considered marginal.

The politics and military preparations which Heikal wrote about in so much detail and were treated by him as the core of this war were looked at by Rajab as a waste of time. She expressed how desperate Kuwaitis were with the delay of action against the Iraqi forces by saying things like ‘Everyone felt that the Allied Forces in Saudi Arabia were being built up too slowly.‘ and ‘we all longed to see an American marine or desert rat coming up the street‘ [4. Ibid., p. 132]. There were numerous visits to Baghdad by politicians and peace activists in order to convince Saddam Hussein to withdraw from Kuwait and prevent the war, Rajab believed that those visits were used by the Iraqis ‘as a way of playing of time.‘ [5. Ibid., p. 141] She expresses the feeling of Kuwaitis towards the idea of the use of force to expel the invading forces by saying ‘While killing and war were the last things anyone in Kuwait wanted, we wondered if words of peace were much use to the Iraqis, who had such different intentions. We also wondered of how these activists might have felt had they been in our position, expecting every day to die from possible starvation, torture or plain murder. Did they really feel that the probable death of over 250,000 people was just a small matter? We did not particularly want to be a sacrifice to the idea of peace.‘[6. Ibid., p. 64]

Rajab in her book presents the missing voice of the Kuwaiti perspective of what is called the Gulf War. She presents the human voice, not the usual political, economic or military voices we are used to hear in the literature written about this ‘War’.

حرب الخليج و محمد هيكل


محمد حسنين هيكل، حرب الخليج: أوهام القوة و النصر، القاهرة، ١٩٩٢

إن كان هناك ما أنقذ هذا الكتاب فهما أمران: بداية غزارة المعلومات التاريخية التي يحتويها ، ثم أسلوب هيكل السلس في صياغة هذه المعلومات و سردها بشكل سهل و فيه نوع من الترابط ، بالطبع فإن ما ساعد على هذين الأمرين هو خبرة الكاتب في مجال الكتابة الصحفية الموجهة بالغالب لعامة القراء ، والكتابة البسيطة لعامة القراء هي سلاح ذو حدين ، فهي شعبية و تجذب قراء من كل المستويات الثقافية ، و من ناحية أخرى قد تكون بسيطة أكثر من اللازم لتقترب من السطحية أو حتى السذاجة في بعض الأحيان!

غول البترول

كل مشاكل العالم في نظر هيكل سببها الغول القامع في قمقم منابع “البترول” ، فالبترول -بنظر هيكل- هو ما بنى أمريكا و جيش جيوشها و حرك تلك الجيوش ، و البترول في نفس الوقت هو سبب كل مشاكل العرب ، بل إن ما سبب البترول من مشاكل ومطامع طال حتى الإتحاد السوفييتي (رغم أننا نعرف اليوم أن روسيا تملك واحدا من أكبر احتياطيات البترول بالعالم).

دور البترول كقوة اقتصادية مؤثرة هو أمر لا يمكن إنكاره ، لكن مهما كانت أهميته لا يمكن أن يكون هو ذلك السبب الرئيسي بالشكل الذي صوره هيكل مغفلا أو متغافلا عن العوامل الأخرى المؤثرة كالعوامل الثقافية و الاجتماعية و التي و إن كان هيكل قد تطرق لها فإن طرحه صورها لا كعوامل أساسية بقدر ما كان استشهاده تأكيدا على نظريته البترولية! فالثقافة بترولية و المجتمع بترولي و السياسة بترولية و التاريخ بترولي بنظر هيكل.

تاريخ مسطح

و بالحديث عن التاريخ نجد أن الكاتب رغم غزارة معلوماته سطّح بعض الحقائق التاريخية و صاغها بما يناسب طرحه و هذه واحدة من أكبر المآخذ على هذا الكتاب ، فقضية الحدود العراقية الكويتية السعودية -على سبيل المثال- و هي واحدة من أعقد المسائل التاريخية قد اختصرها هيكل بأنها ناتجة عن خط رسمه “كوكس” على الخريطة في لحظة غضب و أن هذه الحدود لم تكن موجودة من الأساس بسبب الطبيعة “البدوية” لسكان هذه المنطقة التي كانت تتنقل بين بحار الرمال! و اختصر هيكل كذلك العلاقة السياسية و الدبلوماسية المعقدة بين الكويت و بريطانيا و الدولة العثمانية مصورا اتفاقية الحماية التي وقعت بين الكويت و بريطانيا و كأنها مؤامرة استعمارية تهافتت عليها بريطانيا لتسيطر على المنطقة و تهزم الخلافة العثمانية… بينما الواقع التاريخي يوضح بأن هذه المعاهدة لم توقع إلا بعد معركة دبلوماسية بين الأطراف الثلاث نتج عنها اتفاقية كانت بالأساس سرية لعدم رغبة بريطانيا لأن تكون طرفا في هذه المسألة من الأساس!

الطرح التاريخي المتعلق بالخليج و الكويت من ما يذكره هيكل كحقائق تاريخية هي بالواقع تنم عن نظرة بها نوع من “الاستشراق” الداخلي تصور منطقة الخليج على أنها مشايخ قبليّة رجعية بشكل أو بآخر ، و نحن هنا لا نقول بأن هذا الأمر غير صحيح أو حتى بأنه “عيب” يجب الخجل منه! و لكن ما أحاول قوله بأن طريقة عرض هيكل له قدمت بشكل نمطي و غير منصف إن صح التعبير.

إغفال اللب

إضافة لذلك ، و استكمالا للنظرة البترولية الهيكلية ، نجد الكاتب قد انجرف بتصوير حرب الخليج و كأنها حرب مصالح بين أمريكا و العراق… و له في ذلك مبرراته ، و لكن طرحه هذا كان فيه تجاهل واضح للجانب الإنساني من القضية ، و مرة أخرى نحن هنا لا ننكر دور “المصالح” التي حركت أطراف هذه الحرب… و لكن التركيز على مبدأ “التمصلح” أو “التمصلح البترولي” على وجه أدق أدى بهيكل لأن يغفل حقيقة الدافع الإنساني الذي حرك الشعوب لمساندة قضية الكويت و الحشد لهذه الحرب ، فمرور هيكل كان لا يتجاوز التلميح لما ارتكبته القوات العراقية في الكويت من جرائم إنسانية .. بل أدنى حتى من التلميح إن لم يبذل القارئ جهدا في استخلاص ذلك من كلام هيكل! فهو تناول كل ما حدث حول الكويت قبل الغزو و أثناءه و بعده (و ربما على عجالة لأميرها و حكومتها في المنفى) و تناسى ما حدث فيها و على أرضها و لشعبها رغم أن ذلك من المفروض أن يكون هو الأساس الذي قامت الحرب لأجله! و لكن يبدو أن هيكل تجاهل ذلك لأن فيه إضعاف لنظريته التي تعتبر المنطقة بترولا تحت رمال يرقد فوقها شيوخ القبائل قبل أن تكون شعبا و تاريخا و ثقافة… و تلك هي النظرة الإستشراقية التي اعتدنا عليها من الغرب.. و من أغلب العرب.

إضافة لذلك نجد بأنه حسب طرح هيكل لمجريات الحرب (وهي من المفترض بأنها حرب “تحرير الكويت“) نجده نسى تمام الهدف الأساسي (على الأقل المعلن) منها حتى أنه لينهي الفصل العاشر المعنون بـ”عاصفة الصحراء” صراحة بأن هدف الحرب تحقق بتدمير “الامكانيات العراقية” … دون حتى الإشارة إلى “هدف” تحرير الكويت من القوات العراقية الغازية!

هل أنصح بقراءة الكتاب؟

نعم..

بالنهاية فإن الكتاب بشكل عام يعتبر مصدرا تاريخيا غنيا ليس فقط بما يتعلق بحرب الخليج (أو حرب تحرير الكويت) بل بتاريخ المنطقة الحديث منذ بداية القرن العشرين و حتى العقد التاسع منه لا سيما لفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية (بغض النظر عن بعض التسطيحات المقصودة أو غير المقصودة كما ذكرنا أعلاه) ، كما أن الكتاب سهل القراءة كما ذكرنا سابقا رغم أنه يحوي أكثر من 630 صفحة ، و لكن يجب التعامل معه بحذر و قراءته قراءة نقدية لا تسلّم بكل ما ورد به على أنه هو الحقيقة الكاملة و الشاملة لحرب الخليج و “حروب البترول” كما أسماها الكاتب ، فهناك دائماً صورة أكبر و دوافع أعمق من البترول المجرد و مصالحه.

قد يوافق هذا الكتاب هوى الكثير العرب و بعض الأجانب لأنه يؤكد صورة نمطية تكونت لديهم خلال سنين طويلة ، كما أنه قدم رأيا مختلفا (أو كان مختلفا وقتها) عما كان شائعا عن الحرب عبر الإعلام و الأحداث السياسية المعاصرة للحرب ، و لكن ذلك لا يكفي اليوم و بعد عشرين عاما (أو أكثر) من انتهاء أحداثها ، فكلام هيكل و الفكرة العامة لنظريته (والتي لا زلت لا أختلف معها من حيث المبدأ) أصبحت اليوم شائعة و معروفة خاصة بعد حرب الخليج الثالثة (2003) ، و الخطر الكامن هنا هو بانقلاب حالة المعرفة العامة ليصبح كلام هيكل الذي كان ردا على حالة معرفية شائعة هو الأساس المؤكد بينما حقائق التسعينات و ما قبلها المخالفة له هي الأمر الشاذ! بمعنى آخر على القارئ عندما يقرأهذا الكتاب أن يضع باعتباره أنه كتب عام 1992 ، فإن كان القارئ عاصر ذلك التاريخ و ما قبله فإنه سيكون مكملا لما عاصره… أما إن لم يعاصر ذلك التاريخ فعليه أن يتذكر بأن هذا الكتاب يمثل وجها واحدا فقط للحقيقة… و التاريخ دائما متعدد الأوجه!

———–
تحديث:

إن كنت تبحث عن نقد مطول و أكثر “شراسة” للكتاب يمكنك الرجوع لكتاب “محمد حسنين هيكل و أوهامه عن القوة و النصر: حقائق حرب الخليج” لحنفي المحلاوي ، في هذا الكتاب يفند الكاتب مستعينا بكتابات كل من محمد جلال كشك و عبد العظيم ومضان العديد من المعلومات التاريخية التي صاغها هيكل في كتابه و يبين كيفية تلاعب هيكل بالألفاظ لتقديم صورة للقارئ قد تخالف ما هو حاصل بالواقع.

نجد في كتاب المحلاوي نقدا لاذعا لهيكل و اتهاما له بالكتابة مرتديا “الجزمة البعثية” كما يقول الانجليز! و يذكر بأن هناك تحيز واضح من هيكل نحو وجهة النظر العراقية و يستدل على ذلك بإنكاره للسبب الحقيقي للحرب و بتصويرها على أنها حرب عدوان على العراق و بأن هذه الحرب تفتقر للشرعية دون أدنى إشارة إلى كون العدوان العراقي على الكويت قد نسف كل أسس الشرعية من جذورها و صوره (تلميحا) كأنه حركة طبيعية استرد بها العراق الجزء السليب الذي اقتطعه منه الإستعمار الانجليزي.

من ناحية أخرى يعرض الكاتب اختلافات جذرية بين النسخة الإنجليزية من الكتاب (وهي التي طبعت أولا) و بين النسخة العربية ، و يتهم هيكل بأنه تلاعب في بعض الجمل و الألفاظ و زاد أو أنقص بعضها بحيث خرجت النسخة الانجليزية منه أشد قسوة على النظام المصري و أكثر دعما للنظام الأردني من النسخة العربية بحيث يكون الكتاب أكثر صلاحية للاستهلاك المصري ، كما يوضح أغلاطا جلية في بعض المعلومات التي أوردها الكتاب و التي أوقعت الإعلام المصري في حرج كحادثة تكذيب جمهورية أفريقيا الوسطى لمعلومة مشاركتها في حرب الخليج و إرسالها قوات للقاهرة طمعا في المساعدات المالية كما يدعي هيكل!

النقد في هذا الكتاب لاذع و شديد و لكنه في أحيان كثيرة يثري معلومات القارئ و يبين له على الأقل وجود وجهة نظر مختلفة و ينبهه على أن لا يأخذ بالمعلومة دون تحقق… حتى لو كان مصدرها محمد حسنين هيكل بجلالة قدره.

يوم النداء العظيم

أيها الشعب العراقي العظيم

يا درة تاج العرب و رمز عزتهم و اقتدارهم و عقال رؤوسهم ، أيها العرب الغيارى بأن أمة العرب أمة واحدة [1. “أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة. وحدة-حرية-اشتراكية” هو شعار حزب البعث ، حفظت هذا الشعار لأنه كان مكتوبا على جدار المدرسة المقابلة لبيت جدي الذي كنا نسكن فيه أيام الغزو.] و أن حالها ينبغي أن يكون و احدا عزيزا كريما ، و أن الدنس و الخيانة و الغدر يجب أن لا تتصل بصفوفهم ونواياهم.

أيها الناس ، حينما [2. أظن بأن المقصود “أينما”.] كان العدل و الإنصاف دينكم ، لقد خسف الله الارض بقارون الكويت [3. المقصود هو الشيخ جابر الأحمد الصباح أمير الكويت آنذاك.] و أعوانه بعد أن جانبوا القيم و المبادئ التي دعا الله لتسود بين الناس ، و بعد أن خانوا و غدروا بالمعاني القومية و شرف معاني العلاقة بين من يتولون أمرهم [4. أي الكويتييون ، فهدف الإحتلال المعلن عند بدايته كان مساندة ثورة قامت في الكويت على يد مجموعة من أبناءها الأحرار للإطاحة بحكم آل الصباح.] من الناس و مع العرب.

فأعان الله الأحرار من بين الصفوف المخلصة ليقضوا النظام القائم في الكويت و الضالع في مخططات الصهيونية و الاجنبي و بعد ان أطاح بنظامهم فتية آمنوا بربهم فزادهم هدى ، ناشد الأحرار من أبناء الكويت العزيزة [5. حتى ذلك الوقت كانت الكويت ما زالت تسمى “الكويت”.. و العزيزة هاذي فوق البيعة 🙂 ] القيادة في العراق لتقديم الدعم والمساندة لدرء احتمال لمن تسول له نفسه للتدخل من الخارج [6. أي أمريكا و الصهيونية و الإمبريالة.] في شؤون الكويت و مصير الثورة [7. ثورة أبناء الكويت ضد النظام الكويتي الحاكم ، استغل العراق في ذلك حالة الارتباك السياسي الذي ساد الكويتي خلال آواخر الثمانينات خاصة بعد حل مجلس الأمة حلا غير دستوري عام 1986 و أحداث دواوين الاثنين و انتهاء بتشكيل ما أطلق عليه اسم “المجلس الوطني الكويتي”.] فيها ، و ناشدونا المساعدة في استتاب الامن لكي لا يصيب أبناء الكويت سوء.

و لقد قرر مجلس قيادة الثورة الإستجابة لطلب حكومة الكويت الحرة المؤقتة [8. بعد احتلال القوات العراقية للكويت تم تشكيل حكومة كويتية مؤلفة من مجموعة من الضباط الكويتيين من المفترض بأنها كانت تمثل الثورة الكويتية و تدير شئون البلاد في ظل غياب حكومة آل الصباح المخلوعة.] و التعاون معها على هذا الأساس تاركين لأبناء الكويت أن يقرروا شؤونهم بأنفسهم و سننسحب حالما يستقر الحال و تطلب منا حكومة الكويت الحرة المؤقتة ذلك [9. حكومة الكويت الحرة المؤقتة لم تطلب الإنسحاب بل اتفقت مع الحكومة العراقية على التنازل عن دولة الكويت ليتم ضمها للعراق تحت مسمى “محافظة الكويت” أو المحافظة “التاسعة عشر”. بعد تحرير الكويت تمت محاكمة جميع أعضاء حكومة الكويت الحرة المؤقتة و صدرت أحكام ببراءتهم نظرا لكونهم قد أجبروا على الإنضمام لتلك الحكومة و ذلك باستثناء رئيس الحكومة المدعو علاء حسين و الذي صدر بحقه حكما بالإعدام بتهمة الخيانة العظمى و الذي خفض للسجن المؤبد بعد التمييز.] ، وقد لا يتعدى ذلك بضعة أيام أو بضعة أسابيع [10. قامت القوات العراقية بعد أيام من الغزو بعمل انسحاب صوري ليصدر بعد ذلك قرار ضم الكويت للعراق.].

إننا نعلن بصوت و إرادة كل شعب العراق ، شعب القادسية والبطولات والأمجاد ، بأن قواتنا المسلحة بكل صفوفها و الجيش الشعبي الظهير القومي لها و جماهير شعب العراق من زاخو الى الفاو [11. تم لاحقا تعديل شعار “من زاخو إلى الفاو” و الذي كان منتشرا في الأدبيات الإعلامية العراقية إلى مصطلح “من زاخو إلى البحر” أو “من زاخو إلى كاظمة” بعد قرار الضم.] و المسندة بإيمان لا يتزعزع بالله و بالعروبة و في عمقهم كل جماهير الأمة العربية و كل المناضلين الشرفاء العرب سيكونون صفا من الفولاذ الذي لا يأسر [12. شلون الفولاذ يأسر؟ ما أدري 🙂 ، و لكن قد يكون الأمر خطأ مطبعيا لكلمة “يكسر” ، مع العلم بأنه حتى الفولاذ يمكن أن يكسر مع شدة الطرق.] ، إننا نعلن ذلك لمن تسول له نفسه التحدي و سنجعل من العراق الأبي و من الكويت العزيزة مقبرة لكل من تسول له نفسه العدوان و تحركه شهوة الغزو والغدر [13. كانت الإذاعة الكويتية منذ بداية الإحتلال تبث نداءات للعرب و للعالم تناشدهم فيها التحرك لنجدة الكويت ، لم يستوعب العالم جدية الوضع إلا بعد أيام من الحدث و لم يتم التحرك العسكري إلا بعد ذلك بأيام أخرى ، لذلك لا أعرف منو ياب طاري العدوان و الغزو و الغدر حتى يتم ذكرهم بالبيان!] ، وقد أعذر من أنذر.

والله اكبر وليخسأ الخاسئون.

مجلس قيادة الثورة [14. نص البيان منقول عن موقع albasrah.net دون تصرف سوى الهوامش و تعديل الأخطاء الإملائية و النحوية الواردة فيه!]
٢/٨/١٩٩٠