هيستوجرام

الهيستوجرام هي واحدة من أهم الأدوات (إن صح التعبير) التي تعين المصور على الحصول على الصورة الصحيحة… أو على الأقل الصورة التي يريد من ناحية التعريض و الأوان بل و حتى من حيث التكوين ، إن لم تكن لديك دراية ولو بسيطة بما هو الهيستوجرام و كيف يستخدم فإن شكل الهيستوجرام قد يبدو لك و كأنه لغز !

من الواضح أن الهيستوجرام هو رسم بياني ، التصوير هو بالطبع عملية فنية و ليست حسابية أو إحصائية… فلماذا إذن نحتاج كمصورين لهذا الرسم بياني؟

هذا الرسم البياني يبين لنا باختصار و بشكل بصري توزيع الإضاءات داخل الصورة ، أي يوضح لنا -على سبيل المثال- إن كان تعريض الصورة زائدا أو منخفضا عن الحد الطبيعي ، قد تسأل الآن: أستطيع أن أرى بعيني تعريض الصورة و مشاكله إن وجدت… فلماذا أحتاج لرسم بياني ليخبرني هذه المعلومة البسيطة؟

الجواب هو أنك لا تستطيع دائما الحكم على تعريض الصورة بطريق النظر المجرد! أولا لأن شاشات الأجهزة المختلفة تتفاوت من حيث شدة و نوعية الإضاءة و الأوان التي تنتجها ، و ثانيا لأنه حتى بالجهاز الواحد يختلف تقديرنا للإضاءة و الأوان بحسب حالة الإضاءة المحيطة بالشاشة (حسب كمية و نوعية ضوء الغرفة) ، و ثالثا لأن العين ذاتها تخدع أحيانا و تتأثر بما اعتادت عليه من ضوء أو بمقدار الإجهاد الذي تحسه و غيرها من العوامل.

هل حدث لك أحيانا أن صورت خارج المنزل أو الأستوديو و كنت متأكدا بأنك حصلت على أروع النتائج بالنظر إلى شاشة الكاميرا و لكن عندما قمت بإنزال الصور للكمبيوتر تفاجأت بأن تعريضها أقل مما يجب؟

حل حدث لك أحيانا بأنك أخرجت صورا غاية بالروعة على جهازك و أنزلتها للإنترنت و لكنك تفاجأت عندما شاهدتها من أجهزة أصدقائك بأن جميع صورك زائدة التعريض؟

ذلك أمر طبيعي و قد يحدث لأي منا ، و لكن هناك طرق مختلفة لتفادي هذه المشاكل ، إحدى هذه الطرق هي التعرف على استخدام الهيستوجرام ، فالهيستوجرام بالنهاية هي أداة قياس علمية تعطيك الحقائق و لا تتأثر بالظروف المحيطة و لا بالأخطاء البشرية.

السؤال الآن…

كيف يقرأ الهيستوجرام؟

الهيستوجرام كما ذكرنا أعلاه يعطينا تحليلا لتوزيع الإضاءة بالصورة ، المحور الأفقي (العرضي) بالرسم يمثل شدة الإضاءة و الطولي كمية هذه الشدة.

نبسط أكثر…

لنأخذ الخط الأفقي (العرضي) … الخط يبدأ من اليسار بأكثر أجزاء الصورة إظلاما و ينتهي نحو اليمين بأكثر الأجزاء شدة ، الآن… إذا وجدنا بأن الأعمدة ناحية اليسار عالية فإن ذلك يعني بأن هناك أجزاء مظلمة في الصورة ، و العكس… إذا كانت هناك أعمدة طويلة ناحية اليمين فإن هناك أجزاء مشرقة بالصورة ، و إن كانت الأعمدة طويلة بالمنتصف فذلك يعني بأن الأجزاء المتوسطة (Midtones) كثيرة بالصورة.

إلى الآن الكلام نظري…

عمليا… أهم ما يجب النظر إليه عند قراءة الهيستوجرام هي الأطراف ، في الصورة موزونة التعريض يجب أن تنتهي أطراف الهيستوجرام عند حد قاع الرسم البياني ، فذلك يعني بأن الصورة تحتوي على جميع درجات الشدة … أو أوسع مدى ديناميكي (Dynamic Range) ممكن.

إن كان حد الطرف الأيمن من الهيستوجرام تعلوه أعمدة طويلة فذلك يعني بأن تعريض الصورة زائد (Over Exposed) لأن الأجزاء شديدة الإضاءة بالصورة كثيرة ، أما إن كان هناك فراغ في الجانب الأيمن من الهيستوجرام فذلك يعني بأن الصورة باهتة… أي أن حتى أشد أجزائها إضاءة تظل قاتمة.

و العكس صحيح عند النظر للجانب الأيسر من الهيستوجرام ، فإن كانت الأعمدة الطويلة تطغى على الحد الأيسر فذلك يعني بأن التعريض منخفض أو الأجزاء المظلمة بالصورة كثيرة ، أما إن كان مسطحا فذلك يعني أن الصورة ممتقعة و ليس فيها سواد كاف.

ضابط التعريض

عرفنا لحد الآن كيف نقرأ و نحلل الهيستوجرام ، و سنتعرف الآن على كيفية استخدامه لضبط التعريض ، هل تستطيع أن تعرف كيف هو تعريض الصورة التالية بمجرد النظر لهيستوجرامها؟

الأعمدة متمركزة بالمنتصف و كلا الطرفين الأيمن و الأيسر مسطحين….

ذلك يعني بأن الصورة منخفضة التباين (Low Contrast).

إن كنا نريد إصلاح هذه الصورة فيمكننا بسهولة استخدام أداة الـ Brightness/Contrast لضبط التباين بتحريك مؤشر واحد ، و لكن هناك طريقة أشد دقة من ذلك و لا تقل عنها سهولة.

باستخدام أداة الـ Levels يمكننا ضبط التباين بدقة و ذلك بتطبيق التعديلات على الهيستوجرام مباشرة.

في أسفل الهيستوجرام نستطيع أن نرى ثلاث أسهم صغيرة (قد تصل إلى ثمان أسهم في بعض البرامج) ، تلك الأسهم تمثل الحدود المعدلة للهيستوجرام ، الآن لكي نتخلص من التباين المنخفض علينا أن نحرك السهم الأيمن حتى يصل إلى حد القاع الأيمن للرسم البياني ، ثم بنفس الطريقة نحرك السهم الأيسر إلى حد القاع الأيسر للرسم ، بذلك نكون قد غيرنا توزيع الإضاءات و حصلنا على صورة موزونة التعريض بدقة.

كإضافة من عندك يمكنك أن تحرك السهم الأوسط لتضبط درجات الإضاءة المتوسطة حسب الذوق.. تفنن فيها كما تشاء 🙂

الخلاصة

الهيستوجرام هي أداة دقيقة لقياس تعريض الصورة بعيدا عن التخمين و عن الوقوع تحت تأثير الظروف الخارجية ، قد يبدو شكل الهيستوجرام مرعبا بالبداية… و لكن عند التعرف عليه سيجعل الحياة أكثر سهولة ليمكنك من تعديل الصورة حتى دون النظر إليها!

أساس فهم الهيستوجرام هو إدراك التوزيع المناسب للأعمدة على خط العرض ، فالصورة الموزونة هي التي تتوزع فيها الأعمدة لتغطي القاعدة كاملة و لا تتجاوزها ، و يمكن استخدام أدوات التعريض لضبط تلك الأعمدة كما ينبغي.

————-

ملاحظات:

– التعريض “الصحيح” هو بالنهاية أمر نسبي و يرجع لذوق المصور و لطبيعة الصورة ذاتها ، ليس هناك نوع واحد من التعريض يمكن أن يتفق عليه جميع المصورين ليكون مناسبا لجميع الصور! و لكن التعريض “الموزون” الذي نتحدث عنه في هذا الموضوع هو التعريض الذي يتيح أكبر قدر من المدى الديناميكي و يعطينا صورة تبدو “طبيعية” و مريحة للعين.

– قد يكون متعمدا أن تبدو الصورة زائدة التعريض (كصور الـ High Key) أو ذات مساحات مظلمة (Low Key) ، في تلك الحالة ليس بالضرورة أن تنتهي أعمدة الهيستوجرام عند الأطراف كما ذكرنا ، و لكن الهيستوجرام بدون شك سيكون مفيدا جدا في تقدير مدى “التجاوز” المطلوب و في ضبط الطرف الآخر من أطراف التعريض.

– بالإضافة لأداة الـ Levels يمكن استخدام العديد من الأدوات لتعديل الإضاءة ، أداة الـ Curves على سبيل المثال تعمل بنفس المبدأ و لكنها تعطي تحكم أكبر بالإضاءة ، و من ناحية أخرى يمكن استخدام أداة الـ Auto Contrast للتعديل الأوتوماتيكي بدون أي مجهود على الإطلاق.

– في هذا الموضوع استخدمنا الهيستوجرام الأحادي أو الـ Luminance Histogram و هو الذي يعطينا التعريض المبسط للصورة كما لو كانت صورة بالأسود و الأبيض ، هناك نوع آخر من الهيستوجرام و هو الهيستوجرام اللوني (Color Histogram) و يعطينا شدة إضاءة كل لون (قناة) من الألوان الأساسية للصورة ، عن طريق هذا النوع يمكننا أن نعرف -و من ثم نعدل- شدة كل لون و مدى تركزه في الأجزاء الشديدة أو المظلمة أو الوسطى من الصورة ، ربما سنتحدث عن هذا النوع و تطبيقاته في مواضيع لاحقة.

– الهيستوجرام ليس موجودا في برامج تعديل الصور و حسب… بل موجود في غالبية الكاميرات الاحترافية و شبه الاحترافية ، باستخدام هيستوجرام الكاميرا حسب المبدأ المبين في هذا الموضوع يمكننا أن نلتقط صورة موزونة التعريض من الأصل ! و هذا يجب أن يكون هدفك من الأساس… لا أن تفكر بأنك تستطيع أن تلتقط أي شي طالما أنك تعرف كيف تعدلها لاحقا… باستخدام الهيستوجرام!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *