أرشيف الوسم: مدونة

فخ الحريات في قانون تنظيم الإعلام الإلكتروني الكويتي

فخ الحريات

 

قد يكون مر عليك كتيب إلكتروني يحمل عنوان قوانين غير دستورية يحوي نصوص وتاريخ قوانين أقرها مجلس الأمة الكويتي… ولكن بها شبهة مخالفة مبادئ الدستور، كالقوانين المقيدة للحريات أو المنتهكة لحقوق الإنسان أو الممارِسة للتمييز العرقي أو الجنسي أو غيرها من المبادئ المناقضة لروح الدستور. فحسب النظام الديموقراطي الكويتي الدستور هو الأساس، والقانون موجود لتطبيق ذلك الدستور عمليا، فلا يجوز أن تخالف القوانين التي يصدرها مجلس الأمة مواد الدستور، لكن يحدث أحيانا – لسبب أو لآخر – أن تحصل بعض القوانين على أغلبية نيابية ومباركة حكومية وسكوت شعبي رغم فداحة محتواها! بالطبع فإن مثل تلك القوانين من المفروض أن تعدل بواحدة من طريقتين، إما باقتراح قوانين جديدة، أو بإحالتها للمحكمة الدستورية. لكن بما أننا شعوب كسولة في بعض الأحيان، أو متواطئة مع الظلم في أحيان أخرى، بقيت تلك القوانين غير الدستورية على حالها!

تصحيح… لم تبق القوانين غير الدستورية على حالها… بل أنها ازدادت وتكاثرت مؤخرا، ومن المفترض زيادة فصول الكتيب آنف الذكر وتحويله لكتاب… أو مجلد… لمواكبة الفاجعة الدستورية التي نرضخ تحت طائلتها!

 

(مشروع) قانون تنظيم الإعلام الإلكتروني

أحدث القوانين التي يجب أن تضم إلى كتيب العار هو ما يطلق عليه اسم (مشروع) قانون تنظيم الإعلام الإلكتروني، والذي ستعرضه الحكومة على مجلس الأمة، المجلس الذي إن استمر على ما عهدناه – وعهدنا شعبنا عليه من سلبية – سيقر ذلك القانون وسيصبح ساريا ومطبقا على رقاب وأفواه الكل.

الظاهر من القانون هو أنه قانون ينظم النشر الإعلامي الإلكتروني، أي يعطي القانون قوة على النشر الإلكتروني تعادل قوته على النشر التقليدي. أي أنه كما تحتاج الصحف إلى إصدار تصريح ينظم عملها وتخضع لرقابة لاحقة على محتواها (لكي لا تنشر ما هو مسيئ أو مخالف)، فإن هذا القانون الجديد جاء (ظاهريا) لتنظيم بعض المواقع والخدمات الإعلامية الإلكترونية كذلك، تجنبا لحالة الفوضى والفراغ القانوني الذي تعاني منه الآن.

قد تتفق مع هذا الهدف (الظاهري) أو لا تتفق، أنت حر برأيك. مشكلتي شخصيا ليست مع “الظاهر” بل مع “الباطن“.

القانون باختصار شديد يلزم “المواقع الإلكترونية الإعلامية” بالحصول على ترخيص من وزارة الإعلام لممارسة أعمالها، وطبعا ذلك وفق شروط محددة، كأن يكون المقدم كويتي الجنسية لا يقل عمره عن ٢١ سنة، أن يودع مبلغ ٥ أو ١٠ آلاف دينار، أن يعين مديرا للموقع، أن يحدد نشاط الموقع… الخ.

يُخضع القانون الموقع الإلكتروني لشروط عديدة، أهمها هو تحري “الدقة” بما ينشر فيه، وتجنب نشر “المحظورات” من المواضيع التي حددها قانون المطبوعات.

وطبعا مخالفة بنود القانون تعرض صاحب الموقع لعقوبات تتراوح بين إلغاء التصريح أو وقفه أو حجب الموقع… نهائيا أو مؤقتا، وذلك بالإضافة طبعا لعقوبات قانون المطبوعات التي تتراوح ما بين الغرامة وتصل حتى السجن!

ذلك ما كان من أمر المواقع المصرح لها. طيب، ماذا عن “المواقع الإلكترونية الإعلامية” التي لم تتقدم للحصول على تصريح؟ ما عليها شي؟

لا طبعا… عليها ونص!

من يمارس الأنشطة المذكورة بالقانون دون ترخيص يعاقب بغرامة تتراوح ما بين ٣ إلى ١٠ آلاف دينار، مع حجب الموقع نهائيا!

السؤال الأساسي الذي حير الخبراء والعلماء في هذه المسألة هو:

ما هي “المواقع الإلكترونية الإعلامية” أصلا؟!

وهنا تكمن المصيدة!

 

المصيدة الإلكترونية

المادة ٤ من (مشروع) القانون تنص على التالي:

يسري هذا القانون على المواقع الإعلامية الإلكترونية التالية:
١. دور النشر الإلكتروني.
٢. وكالات الأنباء الإلكترونية.
٣. الصحافة الإلكترونية.
٤. الخدمات الإخبارية.
٥. المواقع الإلكترونية للصحف الورقية والقنوات الفضائية المرئية والمسموعة.
٦. المواقع والخدمات الإعلامية التجارية الإلكترونية.

أغلب هذه التعريفات واضحة وقد تكون مقبولة، أي أن وكالات الأنباء أو الصحف أو دور النشر “مؤسسات” مطلوب منها إصدار تصريح على أي حال لمزاولة عملها “التقليدي”، بالتالي من الممكن أن نتقبل “مبدأ” ضرورة الحصول على تصريح لنشاطها الممتد إلكترونيا. قد يكون لدينا اعتراضات إجرائية على ذلك… لكن “سنطوفها” حاليا.

لكن، إذا انتبها لمنتصف الأنشطة المذكورة سنجد في البند ٣ كلمة مبهمة وهي “الصحافة الإلكترونية“… وهنا يدق ناقوس الخطر!

 

ما هي “الصحافة الإلكترونية”؟

إنها كلمة مطاطة بالفعل! هل مدونتي هذه تدخل ضمن تصنيف “الصحافة الإلكترونية”؟ هل حسابك على الفيسبوك أو تويتر أو سناب تشات يدخل ضمن “الصحافة الإلكترونية”؟

تصريحات الحكومة الكلامية تقول “لا، لن نمس بالمدونات والمواقع الشخصية!“، ومرة أخرى نسأل، ما معنى “شخصية”؟ شخصية في ذات من يملكها؟ أم شخصية في محتواها؟ هناك فرق كبير بين الأمرين!

قد تنقذنا من هذه الحيرة المذكرة الإيضاحية التي تنص على التالي:

“ويستفاد من الحصر السابق للمواقع الإعلامية الإلكترونية [المادة ٤] أن القانون لا ينسحب أثره على الحسابات الشخصية الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الشخصية مثل (المدونات) وذلك لكونها تخرج عن نطاق الإعلام الإلكتروني المهني وبالتالي تنطبق عليها القوانين الأخرى”

تمام، لكن هنا نلاحظ ورود مصطلح جديد، وهو “الإعلام الإلكتروني المهني“، ما المقصود بذلك؟!

المادة الأولى من القانون تعرف “الموقع الإعلامي الإلكتروني” بأنه:

“الصفحة أو الرابط أو الموقع أو التطبيق الإلكتروني الذي يتصف [بالاحترافية]، ويصدر [باسم] معين وله عنوان [إلكتروني] محدد، وينشأ أو يستضاف أو يتم النفاذ إليه من خلال شبكة المعلومات الدولية “الإنترنت” أو أي شبكة اتصالات أخرى.”

وذلك كما نلاحظ وصف لآلاف المواقع والمدونات والحسابات التي نعرفها، الفيصل الوحيد هو صفة “الاحترافية” والتي لا أدري من أين جاءت وكيف يمكن تحديدها!

من ناحية أخرى نفس المادة تعرف “الصحيفة الإلكترونية” بأنها:

“موقع إلكتروني يقدم من خلاله المحتوى الإلكتروني المتضمن الأخبار والموضوعات والمقالات ذات الطابع الصحفي أو الإعلامي وتصدر في مواعيد منتظمة أو غير منتظمة”

يا إلهي! الأخبار عرفناها، “الموضوعات والمقالات ذات الطابع الصحفي أو الإعلامي” ماذا تعني؟ المقالات مثلا؟ الأفلام الوثائقية؟ مرة أخرى… مدونتي تحوي مقالات ومواد إعلامية مصورة قد تكون “احترافية” وتصدر في موعيد “غير منتظمة”، فهل مدونتي تعتبر “صحيفة إلكترونية” و”موقع إعلامي إلكتروني”؟ أم أنها موقع شخصي ولا يدخل ضمن نطاق “الإعلام الإلكتروني المهني“؟

تصريحات الحكومة شيء، ونصوص القانون شيء آخر. عندما يصدر قرار إداري أو حكم قضائي فإن الفيصل فيه هو نص القانون… وليس تصريحات الوزير!

ما معنى الشخصانية عندما تتحدث المذكرة الإيضاحية عن عدم مساس القانون بـ”الحسابات الشخصية” لأنها لا تدخل ضمن “نطاق الإعلام الإلكتروني المهني“؟ هل “شخصية” تعني أنها تابعة لشخص وليس لمؤسسة؟ ماذا عن المدونات التي يشرف عليها مجموعة من الكتاب والمحررين المستقلين؟ ماذا عن حسابات اليوتيوب التابعة لفرق الهواة من الفنانين؟

هل تحتاج الصحف ودور النشر مثلا لترخيص إن أرادت أن تنشأ لنفسها حسابات في مواقع التواصل الاجتماعي لنشر محتواها؟ لا؟ طيب، ماذا لو قام مدير تحرير إحدى هذه الصحف بإنشاء حساب “شخصي” على الفيسبوك مثلا وقام بنشر نفس المحتوى؟ ماذا لو قمت أنا الفرد الفقير لله بنشر ذات المحتوى على مدونتي؟ هل مازالت هذه “البدائل” تدخل ضمن تعريف “الحسابات الشخصية” أم أنها ستتحول إلى “إعلام إلكتروني مهني“؟ إذا بقيت “شخصية” فتلك الفوضى بعينها! ما فائدة القانون إذن؟

المسألة “الشخصية” هنا من الممكن اعتبارها تتعلق بمحتوى الموقع الإلكتروني وليس بشخص صاحب الموقع، أي أن “الموقع الشخصي” قد يعرف بأنه الموقع الذي يحوي مواضيع خاصة، كصور سفرتك إلى لندن، خاطرة أدبية كتبتها، رأيك في وجبة تناولتها في مطعم، تعبير عن أعجابك بمسلسل تتابعه… الخ. أما إن كانت مواضيع موقعك أو حسابك تتحدث عن نقدك للسياسية الاقتصادية لمنظمة أوبك، ملاحظاتك لظاهرة اجتماعية جديدة، رأيك في صراع سياسي إقليمي دائر، دفاعك عن قضية إنسانية محلية… الخ، عندها قد يأتي إليك من يقول بأنك قد خرجت بمواضيعك هذه عن نطاق “الموقع الشخصيودخلت في الشأن العام… وبالتالي فإن موقعك أو حسابك أصبح من ضمن “الإعلام الإلكتروني المهني“، لذلك عليك أن تودع في خزينة الدولة ٥ أو ١٠ آلاف دينار لتستخرج تصريحا يضمن لك استمرار موقعك، هذا بالطبع على اعتبار أنك كويتي لا يقل عمرك عن ٢١ سنة وتنطبق عليك جميع الشروط… وإلا ابحث لك عن كفيل!

القانون غير واضح بشكل مريب جدا، فكلمة “مؤسسة” لم ترد فيه، فعلى خلاف دور النشر والصحف والخدمات الإخبارية فإن كلمة “الصحافة الإلكترونية” لا تعريف لها لا في هذا القانون ولا غيره من القوانين، وكأنها وضعت بنية اللجوء لها من قبل الحكومة “عند الحاجة“.

فإن نشرت في موقعك أو حسابك الخاص أي شيء تراه الوزارة بأنه غير “شخصي” بإمكانها أن تغلفه بغلافالاحترافية” و”المهنية” وتجبرك على إصدار التصريح… وإلا تعرض نفسك للمساءلة وتحال للنيابة وقد تدفع غرامة ما بين ٣ إلى ١٠ آلاف دينار بتهمة مزاولة نشاط دون ترخيص، ويحجب موقعك نهائيا ومباشرة دون الحاجة لحكم من المحكمة!!

مرة أخرى، نصوص القانون والمذكرة الإيضاحية له (كما فصلت) هي ما يمكن الاستناد عليه بنظر القضاء، التصريحات والكلام المطمئن والمخدر والمدغدغ للعواطف لا فائدة منه، بل هو أسلوب يستخدم لاستغفالك وجعلك تبلع الطُعم دون أن تدري. هل تثق بالحكومة ووزارة الإعلام ثقة عمياء ومستعد لتسليمها “الخيط والمخيط” لأنها “أبخص” وتعرف ما تفعل من أجل “حفظ الأمن والأمان” و”زين تسوي فيهم“… و”وطني حبيبي وطني الغالي“؟! هنيئا لهم حصولهم على ثقتك هذه، أما أنا ومن خلال اطلاعي وخبرتي وتجاربي مع وزارة الإعلام بالذات… بصراحة… لا أثق بإعطائهم تلك السلطة المتمثلة ببنود هذا القانون بصورته الحالية، ستكون كارثة جديدة سنندم ونبكي عليها كثيرا بعد فوات الأوان!

 

طيب وما الحل؟

هناك عدة أمور يمكن اللجوء لها لمقاومة (مشروع) القانون هذا. عمليا، إن تم إقرار القانون فسينتعش سوق الحسابات الوهمية. شخصيا سأغير اسمي من مؤيد إلى “فريد“! ولندع وزارة الإعلام تلاحق هذا الـ”فريد” الذي ينشر تدويناته وتغريداته من حسابه الذي أنشأه في جمهورية الدومينيكان! نعم ذلك ليس حلا منطقيا… لكنه قد ينفع في هذا الزمن المظلم.

الحل الأصح هو الوقوف الجاد في وجه هذا القانون المشبوه وعباراته المطاطة!

نعم، يجب أن يرفض مشروع القانون هذا بشدة ويقتل في مهده. حتى الآن هناك أمل، فمشروع القانون هو مسودة أساسية، يجب أن يعرض على مجلس الأمة ويناقش ويقر بالأغلبية حتى يصبح ساريا. وهذا الأمر مخيف، فأعضاء مجلس الأمة الحالي يخشى منهم بصراحة بسبب مواقفهم السابقة. فمشروع قانون الصوت الواحد أقر من هذا المجلس، وقانون البصمة الوراثية أيضا أقر من قبل قبل هذا المجلس… ومن دون حتى مناقشة! لذلك إن تُرك أعضاء المجلس بحال سبيلهم فأقولها لكم… على الحرية السلام!

لابد من إثارة هذه القضية شعبيا بين أوساط المدونين والمغردين وغيرهم من أصحاب الشأن، كما يجب إثارتها ثقافيا بين أوساط الإعلاميين والحقوقيين والأكاديميين. يجب إيصال صوت الرفض لهذا المشروع وصيغته المهلهلة إلى أعضاء مجلس الأمة والضغط عليهم لرفضه… أو على الأقل تعديله. ونعم، إن تطلب الأمر فلا خير فينا إن لم ننزل للشارع للمطالبة بحريتنا، فحريتنا على الإنترنت هي آخر أعواد القش التي نتمسك بها… إن فقدنها فمصيرنا هو الغرق في بحر العار!

عندما منعت كتبنا قيل لنا “انشروها على النت” أو “انشروها خارج الكويت وسنشتريها عبر النت“. عندما أقفلت صحفهم قالوا “ما حاجتنا للورق، لدينا فضاء الإنترنت!“، عندما قيدت تجمعاتكم ومسيراتكم قلتم ““لا تنفروا في الحر”، لديكم الإنترنت… فغردوا كما تشاؤون فيه!“. فكيف ستصنعون إن منع عنكم التعبير على النت؟

أو لا تفعلوا شيئا، سيكون النت جميلا إن تفرغ له أهل البلع والبوح والتهريج… والفاشينيستا!

موت المدون

موت المدون

 

قبل فترة قمت بنشر هذا الفيديو القصير على حسابي بالإنستاجرام:

 

وكتبت تعليقا عليه:

الناس لم تعد تقرأ المدونات أو أي كتابات طويلة ومفصلة، لذلك قررت السير بطريق يجاري التطور التكنولوجي/الاجتماعي الحاصل، وذلك بتحويل المقالات الثقافية والفنية والاجتماعية المطولة التي أقوم بكتابتها على مدونتي إلى فيديوات قصيرة جداً تقدم الفكرة بسرعة وبساطة بشكل أتمنى أن يكون جاذبا للجمهور. طبعا هذه الخطوة تحتاج لدعمكم ومساعدتكم وتشجيعكم لكي تنجح وتستمر.

ثم أتبعته بفيديو آخر يحمل فكرة “التفكير النقدي” تحرشت فيه بالمتابعين لكونهم بكثير من الأحيان يصدقون الكثير مما يقال لهم دون تحقق وذلك بحسن نية ولثقتهم المطلقة بمن ينقل لهم المعلومة:

ولكن، رغم كون الأمر يبدوا وكأنه نوع من السخرية من المتابعين -ويعلم الله أن ذلك ليس بقصدي- ولكن “الأرقام” التي تحدثت عنها ليست كاذبة أو مضللة!

فنعم… مدونتي -والمدونات بشكل عام- خفتت الحياة بها، الرسم البياني الذي أوردته بالفيديو يمثل التعداد الشهري لزوار الموقع من يوليو ٢٠١٠ لغاية يناير ٢٠١٤ حسب إحصاءات جوجل، فنرى العدد يتناقص من آلاف الزيارات بالشهر ليصل إلى بضع مئات، بغض النظر عن دقة الأرقام بحد ذاتها فإن التناقص في أعداد الزوار واضح وجلي.

vblogvisitchart

بالطبع فإن الأمور لا تقاس فقط بعدد الزيارات، فعدد التدوينات الشهرية يختلف من فترة لأخرى، شهري ديسمبر ٢٠١٣ ويناير ٢٠١٤ شهدا كتابة تدوينة واحدة فقط، بينما شهري يونيو ويوليو ٢٠١٠ شهدا كتابة ٧ تدوينات، وطبعا عدد الزوار بالغالب يتناسب طرديا مع نشاط المدونة.

لكن وبشكل عام فإن المقياس الأهم بالنسبة لي لمدى تفاعل الجمهور مع المدونة يتمثل في عدد التعليقات على المواضيع، فبينما أيام الزمن الجميل للمدونة كنت أستمتع بما بين ٦ إلى ١٠ تعليقات على التدوينة الواحدة يكفي القول بأن أخر تعليق حصلت عليه مواضيع المدونة كان قبل أكثر من عام!

أخر تعليق حقيقي وصل للمدونة... مند سنة وشهر تقريبا !
أخر تعليق حقيقي وصل للمدونة… مند سنة وشهر تقريبا !

طبعا حتى التعليقات تتناسب مع عدد التدوينات، ويجب كذلك الأخذ بالحسبان بأن نظام التعليقات بالمدونة كان عطلانا لفترة ما الأمر الذي ترتب إجراء إصلاحات جذرية لنظام المدونة.

طبعا داء تناقص زوار المدونات لم يصب مدونتي فقط بل هو وباء متفش لدى الكثير من المدونات بشكل عام… والمدونات الكويتية بشكل خاص، لا أملك إحصاءات دقيقة ولكن بالنظر لعدد التعليقات على بعض المدونات الكويتية المشهورة نجد بأنها اليوم “تصفر” أو عددها لا يتجاوز عدد أصابع اليد بعد أن كانت التعليقات عليها بالعشرات قبل ثلاث أو أربع أعوام.

 من الواضح أن الداء لم يصب مدونتي وحسب بل طال أشهر المدونين

سبب الوفاة؟

كما ذكرت بالفيديو الأول… الناس مالها خلق تقرى! وهذا واقع! بالسابق كانت الناس تقرأ الكتب، ثم أخذت تقرأ الجرائد والمجلات، ثم انتقلت لقراءة (والكتابة في) المنتديات، ثم أتت المدونات والتعليق عليها، بعد ذلك دخلنا في عصر الفيسبوك الذي أتاح مستوى تفاعلي أكبر وأعطى العموم حرية أكبر بالتعبير عن أنفسهم، بعد ذلك أتى التويتر وأحرفه الـ١٤٠ والإنستاجرام الذي لا يتطلب أي حروف… فقط دبل كليك لتضع اللايك! بمعنى آخر وسائل التواصل الاجتماعي المعاصرة “أسهل” للجمهور للمتابعة وللتفاعل من مدونة تحوي مئات أو آلاف الكلمات للقراءة وتتطلب كتابة اسم وبريد لكل مرة تحتاج أن تقول فيها “موضوع جميل… جزاك الله خير”! وبالطبع فنحن أقوام نعشق الكسل ونرحب بكل ما هو أسهل وأسرع.

أضف لذلك مسألة الكثرة العددية وفوضوية وسائل التواصل الاجتماعي التي تعطي أي شخص أيا كان منبرا يتحدث منه وينافس غيره من البشر، وذلك على خلاف نخبوية المدونات… كما سأفصل لاحقا.

تحيا المدونة

بالطبع فإنه لا داع للقول بأن قوة المدونة لا تقاس فقط بعدد زوارها ولا عدد التعليقات عليها، فالمدونة (أو المدونة المحترمة على الأقل) باستطاعتها أن تعطي أي موضوع تناقشه حقه بالدراسة والتفصيل وهذا أمر يستحيل فعله في تويتر أو الإنستاجرام أو غيره من وسائل التواصل الاجتماعي الحالية.

كذلك يجب التذكير بأن المدونات، كما هي الكتب والمجلات، تعتبر مؤسسات “منظمة” وتخص فئة منتخبة من الناس… أو “نخبوية” كما ذكرت أعلاه، معنى ذلك أنه رغم هيافة بعض المدونات إلى أن من يتولونها يعتبرون جزءا بسيطا من المجتمع شبه متفرغ للعمل على إثراء محتواها، على خلاف التواصل الاجتماعي المتاح لكل من يملك إيميل والذي لا يتطلب سوى أربع ضغطات على شاشة الهاتف لإيصال الرسالة، بالتالي فالمدونة تعتبر وسيلة مرعية (Curated) بشكل أكبر من الإنستاجرام وتويتر بكثير وبالتالي فإن محتواها سيكون أكثر ثراء من غيرها، أضف لذلك بأن التغريدة أو صورة الانستغرام بعد أن تظهر للناس فإنه لا مجال لمراجعتها وتعديلها، بينما التدوينة قابلة للمراجعة والتعديل والتنقيح والتحديث.

كمستخدم لتويتر، هل تذكر أول تغريدة كتبتها؟

أنا لا أذكر ما هي أولى تغريداتي (وإن كنت واثقا بأنها شيء سخيف!) ولكن أذكر بالضبط أول تدوينة لي والتي كانت بعنوان The Usual Thing:

أول تدوينة لي
أول تدوينة لي

قد لا تكون تلك التدوينة أعظم أعمالي الكتابية… لكنها على الأقل حصلت على ٩ تعليقات… أي أكثر من التعليقات التي حصلت عليها آخر ١٤ مقالة كتبتها رغم دسامتها وغزارة محتواها!!

سؤال آخر… هل تذكر التغريدات التي قمت بكتابتها وقت حدث مهم مثل مسيرة كرامة وطن قبل ما يقارب العامين؟

أنا لا أذكر تغريداتي… لكني أذكر كل كلمة كتبتها في مدونتي حول مسيرة كرامة وطن وما تلاها من أحداث ويستطيع أي قارئ أو باحث سيأتي بعد سنتين أو عشر سنين أن يقرأها ويستفيد منها كسجل تاريخي، يمكنني أن ألخص كتابات تلك الفترة بـ:

مشاهدات في كرامة وطن
إحصاء التجمعات البشرية بالطرق العلمية
مو كفو ديموقراطية!
قانون التجمعات… ببساطة

وصلت الفكرة؟

لذلك، رغم أن الإهتام الظاهري بالمدونات قد قل… ورغم أن ذلك يمكن أن يصيب أي مدون بحالة من الإحباط والحزن، ذلك لا يعني على الإطلاق بأن التدوين قد مات… إطلاقا!

إعادة نشر مقالاتي التصويرية على المدونة

Tasweery.com
Tasweery.com

إنتهيت مؤخرا من إعادة نشر مجموعة مختارة من المقالات القيمة كنت قد نشرتها علي مدى الست سنوات السابقة على مجموعة وموقع تصويري، تتناول المقالات مواضيع نظرية وتحليلية تخص فن التصوير الفوتوغرافي يمكن إجمالا أن يستفيد منها المصور المحترف والجاد على وجه الخصوص… و إن كان بعضها يهم المصور المبتدئ والهاوي.

للاطلاع على المقالات التصويرية

جميع مقالات موقع تصويري مازالت موجودة في مكانها الأصلي والتي شارك في كتابتها أعضاء فريق العمل بالمجموعة.

من ناحية أخرى قمت كذلك بجمع وتصنيف جميع مقالاتي التي تتناول مواضيع الفن وتاريخ الفن تحت باب واحد.

للاطلاع على المقالات الفنية

انتفاضة الكويت ضد مزودي خدمات الإنترنت !

شعار الحملة

 

بعد سنين طويلة من الصبر (أو ربما النوم!) بدأ مستخدمو الإنترنت بالكويت بالتحرك ضد رؤوس الاحتكار والاستغلال في الشركات المزودة لخدمات الإنترنت في الكويت، لسنين طويلة تعايش الكويتيون مع أسعار الإنترنت الخيالية وسرعاتها الكئيبة وتعطلها اللامنتهي وخدمة عملائها المعدومة، أضف لذلك التلاعب على المستخدمين من خلال ما يسمى بالـ”عروض” التسويقية والأرقام التي هي على الورق شيء وعلى أرض الواقع شيء آخر. بعد هذه السنين الطويلة من المعاناة صحى الشعب صحوة نتمنى أن تستمر حتى تتحقق جميع مطالبها وتسترجع كافة الحقوق المسلوبة.

بدأت هذه الصحوة بعد معرض إنفو كونكت السابق (2011) عندما اتفق جميع مزودي خدمات الإنترت في الكويت على رفع أسعار الإشتراكات دون أي مبرر! شكل الأمر صدمة للجميع، ففي حين أن الأمر الطبيعي هو أن تتنافس هذه الشركات على تقديم أفضل الخدمات وبأقل الأسعار حتى تجذب الزبائن نجدها قد تآمرت فيما بينها واتفقت على طريقة عصابات المافيا على أن تضرب المستخدم ضربة رجل واحد فيتفرق دمه بينها فلا يستطيع أن يلجأ لأحدها فرارا من الأخرى…. يعني بالضبط مثل خطة إبليس التي أهداها لزعماء قريش 😈 !!

شخصيا توقعت أن يتحرك المستخدمون الكويتيون جديا بعد هذه الحركة القذرة (عفوا… ولكن لم أجد كلمة أنسب منها لوصف الموقف)، لكن للأسف لم يحدث شيء يذكر في حينها، ربما كانت منحة الألف دينار ما تزال تدفئ جيوبهم في حينها!

ولكن ما حدث بعد ذلك لا تستطيع ألف منحة أن تطمطمه! اجتمعت نفس العصابات الإنترنتية مرة أخرى وقررت بالإجماع على أن تضع “سقفا” يحدد استخدام المشترك للخدمة التي دفع دم قلبه من أجل الحصول عليها. وليت هذا السقف كان معقول العلو بحيث يغطي ما يطلق عليه اسم “الاستخدام العادل”… بل إن هذا السقف يذل المستخدم ويكبله ويمنعه من أدنى درجات الاستمتاع باشتراكه، ومرة أخرى… المستخدم لا يستطيع أن يلجأ لأحد ضد هذه القيود سوى لله!

من أجل ذلك سعى مجموعة من المدوننين الكويتيين لأن يشكلوا جماعة ضغط ضد هذه الشركات على شكل حملة على الوب وعلى موقع تويتر ، الحملة حتى هذه اللحظة غير واضحة المعالم، ولكن نأمل مع تزايد المشاركين فيها أن تكون انتفاضة حقيقية ينعكس صداها على أرض الواقع لتشكل ضغطا شعبيا وسياسيا وقضائيا على تلك الشركات المشؤومة واتفاقاتها الشيطانية.

من أجل ذلك أكتب هذا الموضوع معلنا تضامني مع المئات من المدونات التي شاركت فيها حتى الآن، ونحن جاهزون وبالشوفة لخدمة هذه الإنتفاضة الإنترنتية الباسلة.

 

————

 

روابط و مصادر:

حملة المدونين ضد الانترنت المحدود في دولة الكويت

اتحاد الكويت ضد كبح الانترنت

Break the ISP monopoly in Kuwait (حملة تواقيع عن طريق تويتر)

The ISPs and Ministry of Communication

Internet prices at InfoConnect

الفئران آتية !

لكي نكون منصفين فعلينا أن نقر بأن الفئران مظلومة ، كثيرا ما يعتقد الناس بأن الفئران تسبب الأمراض بينما هي بالحقيقة لا “تسببها” بل في بعض الأحيان “تنقلها” و الفرق بين الأمرين واضح ، فالطاعون (وهو أشهر الأمراض المرتبطة بالفئران) هو مرض تسببه بكتيريا اليرسينية و التي تنتقل إلى الفئران و الجرذان بواسطة البراغيث ، لذلك فالفئران برأيي مسكينة… اضطرتها الظروف إلى أن تعيش في بيئة و نمط حياة عرضها لكي تكون ضحية هذا المرض الخبيث لتكون وسيطا سيء السمعة ينقل لنا الطواعين دون أن يكون له الخيار في ذلك.

ليست جميع الفئران ناقلة للأمراض بشكل طبيعي ، فعلينا هنا أن لا ننسى كذلك فئران التجارب البيضاء الجميلة ، تلك الفئران “المخدّية” و المغلوبة على أمرها حالتها صعبة ! فهي تظن بأنها تعيش في أحضان الطبيعة الخلابة بينما هي بالواقع موضوعة في قفص زجاجي صغير.. تلقم الطعام تلقيما… طعام لا تدري من أين مصدره و لكنها تأكله لتعيش ، تغرز بحقن مشبوهة المحتوى أحيانا ، تضيع في متاهات مجهولة الهدف في أحيان أخرى ، فهي إذن أيضا حيوانات مسكينة حتى و إن كانت لا تحمل الأمراض.

و طبعا ليست جميع الفئران سيئة أو مسكينة ، فهناك ميكي ماوس الطيب و مايتي ماوس القوي و الفأر جيري الذي كثيرا ما يحسّر بالقط توم ، و للفئران أعداء لدودين مثل القط توم الآنف الذكر.. و محمد السنعوسي و صاحب فتوى ميكي ماوس الشهيرة ، يعني الفأر له قاعدة ثقافية عريضة في حياتنا و ليس مجرد مخلوق صغير من رتبة القوارض كما نعتقد.

هناك نوع ما من البشر يشابه في خواصه الثقافية … الفأر ، مو قصدي بهذا التشبيه الإساءة على الإطلاق… فأنا شخصيا أعتبر من هذا النوع من البشر 🙂

<white mice pet  mouse
white mice pet mouse By Joost J. Bakker IJmuiden

المدونون !

نعم.. هناك المدون الطيب و المدون البطل و المدون المشاغب ، و هناك أيضا المدون ناقل الطواعين و المدون فأر التجارب… و هذان النوعان الأخيران هما موضوع مقالي لهذا اليوم.

بدأ تفكري في الوسط التدويني الكويتي قبل بضع أسابيع عندما انتشرت بين المدونات قائمة تضم “التوب تن” بين المدونات الكويتية حسب تصنيف موقع أليكسا ، كمطور مواقع إلكترونية لي رأي في موقع أليكسا و مصداقيته و لكن ليس هذا مجال طرحه ، ما يهما هنا و ما شد انتباهي هو نوعية تلك المدونات التي يقبل عليها الكويتييون… كانت صدمة خفيفة بالنسبة لي لأني اكتشفت بأن الوضع أسوء مما كنت أتصور !

قبل أن أكمل كلامي عن تلك المدونات “التوب” و ما هو محتواها أود أن أذكر بأن الوقت مناسب الآن للاطلاع على موضوع هل أنت دودة؟ إن لم تكن قد قرأته من قبل أو كنت تحتاج لتذكره لأن الكلام القادم متعلق به بشكل مباشر و بموضوع المجتمع الإستهلاكي الذي تناولته بعدة مقالات سابقة.

المدونات صمام ذو إتجاهين ، فاتجاه المدونة يعتبر تمثيلا لإتجاه المجتمع… و في نفس الوقت فإن المدونة عامل موجه لذلك المجتمع ، يعني المدونات تعبر عن رأي المجتمع ، و المدونة قد تحمل أيضا مشعل القائد للمجتمع و المحرك له ، لذلك فإن الإطلاع على المدونات و طريقة تفكير أصحابها يعطينا مؤشرا قويا على الإتجاه الذي يسير أو سيصل إليه المجتمع ، لهذا السبب علينا أن ننظر لقائمة أشهر المدونات الكويتية بشكل جدي و ندرسها بعناية.

ما هي تلك المدونات و ما هو محتواها؟

دون الدخول بالتفصيل الممل يمكن الاطلاع على القائمة في موقع الأخ فرانكوم.

الحالة مارك

طبعا يتربع على رأس القائمة المدون الشهير مارك ، مارك هو واحد من أعرق المدونين في الكويت ، فقد بدأ التدوين منذ عام 2004 تقريبا في الوقت الذي كان غالبية الناس لا تعرف حتى معنى كلمة بلوق ، مدونته منوعة و تحتوي على الغث و السمين من المواضيع ، مواضيعه بشكل عام لا بأس بها… و لكن ذلك لا يمنعنا من أن نوجه له إصبع الإتهام باعتبار أنه هو من أشعل شرارة التدوينات الإستهلاكية ! مارك هو شاب يعشق جمع “الأشياء” و يجيد الحديث عنها ، فنجده تارة يتكلم عن كاميرة جديدة ، و عن حذاء أو مكينة حلاقة تارة أخرى ، من أشهر مواضيع مارك كذلك هي المواضيع التي قدم فيها تقييما لمطاعم شاورما الدجاج و مطاعم البرغر الكويتية و العالمية ! إستطاع مارك من خلال الشخصية و النفسية “الكوول” التي يمتلكها أن يجمع من حوله قاعدة جماهيرية شبابية عريضة ، هذه القاعدة الجماهيرية -بالإضافة لإجادته لفن التقديم- جذبت انتباه الشركات و المؤسسات التجارية التي بدأت تعي أهمية الشبكات الاجتماعية في التأثير التسويقي (أضف لذلك كون مارك متخصص في مجال التسويق و يعمل بواحدة من أكبر شركات الدعاية و الاعلان في المنطقة) ، فقامت تلك الشركات التجارية باستغلال وضعه الاجتماعي من خلال تزويده بأحدث منتجاتها و خدماتها ليقوم بالحديث عنها من خلال مدونته ، طبعا الكثير من متابعي مدونته شعروا بنوع من الغيرة و تمنوا أن يكونوا بمكانه ، فمنو يعاف إنه يحصل على معاملة خاصة و فرصة لتجربة “الأشياء” ببلاش؟

بدأت بعد ذلك المدونات بشكل عام الانتشار بالكويت و المنطقة ، و لا أعرف من هو أول من قام بعملية “الإستنساخ الماركي” و لكن ظهرت على السطح مجموعة كبيرة من المدونات ذات النفسية “الكوول” و التي تقدم -بشكل سطحي بأغلب الأحيان- عرضا لأحدث “الهبّات” في الوسط الشبابي الكويتي ، فانتشرت مواضيع الكب كيك و المجمعات و الأحذية و برامج الآي فيون و الحقائب و المطاعم و الإكسسوارات ، و ياريت إن هالمواضيع ذات طابع تحليلي مفيد… بل هي بالغالب على شكل صورة و تعليق بفقرة واحدة… أو فيديو يوتيوب و تحته سطر.. أو حتى بدون سطر ! و أنا هنا لا ألوم المدونين على هذا الطرح.. فكل حر فيما يكتب أو يقدم.. و بالنسبة لي فإن الإبتعاد عن هذه المدونات و مواضيعها الـ#### هو أفضل حل ، جل ما أستطيع أن أقدمه لهؤلاء المدونين هو نصيحة بتغيير نمط حياتهم حتى لا يتحولوا إلى مخلوقات دودية.. أو يسقطوا ضحية للطاعون -و العياذ بالله- بنشرهم للفكر الإستهلاكي بين صفوف الشباب!

المرحلة التالية في عالم المدونات -وهي الأكثر خطورة- هي مرحلة الوعي التجاري ، بالطبع فإني أستخدم كلمة “الوعي” بتحفظ لأن ذلك الوعي ليس بالضرورة أن يكون شيئا إيجابيا ! إنتبهت الشركات التجارية لمسألة التسويق الإجتماعي كما ذكرنا عند الحديث عن حالة مارك ، و لكن ما حصل مع البعض هو تحول مسألة التسويق إلى مسألة تقترب من “الرشوة” ! أستطيع أن أفهم أن تقوم وكالة سيارات مثلا بإتاحة الفرصة لمدون لتجربة سيارتهم الجديدة و الحديث عنها (هذا إن كانت المدونة متخصصة في عالم السيارات مثلا)… و لكن كيف نفسر أن يقوم دليل للمطاعم بتقديم صناديق من الشوكولاتة أو الآيسكريم للمدونين كـ”هدية”؟! ما علاقة خدمتكم بموضوع الآيسكريم؟ .. هل الشوكولاته مصنوعة بمصنع الوالد مثلا؟! و طبعا المدون المسكين لفرط سعادته بأن هناك من أعطاه ويهاً يقوم بحسن نية بزف خبر تلقيه لهذه “الهدية” السكرية و شكره و تقديره للمؤسسة الفلانية أو الموقع العلاني على بادرتهم الطيبة دون أن يعلم بأنه بحركته هذه قد تحول لفأر تجارب قد تم وخزه بإبرة لا يعلم محتواها! فهل فكر بالسبب الذي دعى تلك الجهة لتقديم تلك الهدية له شخصيا؟ هل فكر بدوافعها و بآثارها؟

Mushroom Burger

الإرهاب الغذائي

الحادثة الأخيرة و الأخطر و التي فجرت هذا الموضوع هو إقدام أحد مطاعم الوجبات السريعة على دعوة مجموعة من المدونين لتجربة منتجهم الجديد ، تسأل ما هو هذا المنتج الجديد؟ هو كارثة حقيقية !!! ففي الوقت الذي تحاصر فيه مطاعم لوجبات السريعة و يضغط عليها شعبيا و إعلاميا في سبيل محاربة ما تقدمه من سموم أثبت الأبحاث و التجارب المخبرية ضررها على الصحة العامة نجد ذلك المطعم قد استورد لنا وجبة “حصرية” من أجل أن يقدمها كهدية لنا مساهمة منه في تضييق شراييننا و توسيع كروش شبابنا! فماذا كانت ردة فعل مدونينا الأكارم؟ لا شيء سوى السمع و الطاعة و السقوط في الفخ تحت تأثير رائحة الجبنة.. المصحوبة بالهمبرغر اللذيذ… الله يزيد النعمة !

المدون مارك صريح مع من يريد التعامل معه ، فهو يشرط عليهم أن يقوم بنشر ما يعجبه من المنتجات.. أما ما لا يعجبه فإنه لا يتكلم عنه إطلاقا حتى لايخسر “الزبون” ، فهو على الأقل وضع لنفسه معيارا يقبل فيه ما يشاء و يرفض ما يشاء ، سمعت بمدونة أخرى (و هي أيضا مؤلفة كتب) قدمت لها إحدى الشركات الكبرى عرضا مغريا كي تهدي لهم بعض أعمالها… لكنها رفضت عرضهم السخي… لماذا؟ لأن تلك الشركة لها سجل غير مشرف في المجال البيئي.. و ذلك أمر يخالف مبادئ تلك المدونة !

مبادئ” .. هل سمعت بهذه الكلمة من قبل؟ المبادئ و القيم و المعايير هي ما يفرق بين الفأر الطيب البطل و الفأر ناقل الأمراض.. و فأر التجارب ، فأي نوع من تلك الفئران تود أن تكون يا عزيزي المدون؟ هل ستسقط في الفخ أم ستعيش حرا؟

والله يكافينا شر الطواعين.