أرشيف الوسم: مجلس

المراسيم: سمعا وطاعة يا عقلي

ما زلت أصر على أني لست بكاتب سياسي، وما زلت مصرا على أن مواضيعي التي تحمل رائحة السياسة إنما هي مواضيع ثقافية تتعلق بطريقة تفكيرنا وتعاملنا مع ما يحيط بنا من قضايا تبعا للثقافة التي تكونت لدينا على مر الزمن، أحتاج أن أعيد كتابة هذه الجملة مرة تلو الأخرى لأذكر نفسي والقارئ الكريم بأني لا أحاول أن أفتي بمجال لا أفقه فيه، فصحيح أني لست متخصصا بالسياسة (رغم أني درست مبادئها الأساسية أكاديميا في الجامعة) ولكني متخصص بالثقافة والتاريخ ومؤهل للحديث عنهما وعن تأثير السياسة بهما وتأثيرهما على السياسة.

المراسيم

المحور الرئيسي لهذا المقال هو مراسيم الضرورة التي أمر بها أمير الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح عبر خطابهبتاريخ ١٩ أكتوبر ٢٠١٢ خلال الفترة الانتقالية بين حل مجلس ٢٠٠٩ والغاء مجلس ٢٠١٢ والدعوة لانتخابات ديسمبر ٢٠١٢ (الله يعين عيالنا وأحفادنا على دراسة هالتواريخ 😀 ) ، أحد مراسيم الضرورة الذي أثار ضجة بالبلد هو مرسوم تعديل النظام الانتخابي وتوزيع الدوائر الانتخابية، القانون السابق ينص على أن عدد الدوائر هو خمسة وأن عدد الاختيارات لكل ناخب في ورقة الاقتراع هو أربع، حتى وقت كتابة هذه الكلمات لا نعلم كيف سيكون التعديل، ولكن ذلك لم يمنع ارتفاع الأصوات المطالبة بمقاطعة الانتخابات القادمة والداعية للخروج بالمسيرات المنددة بهذا المرسوم.

العقل

لن أناقش تفاصيل المرسوم السياسية فالأمر بالنسبة لي وجهة نظر قد يراها البعض صائبة ويراها آخرون خاطئة، لكن ما سأناقشه هو ردود الأفعال على هذا المرسوم والتي يمكن قراءتها لتعطينا دلالة على ثقافة شعبنا وطريقة تفكيره.

لأن الكثير من الناس تغلبها العاطفة وترفض استخدام عقلها ومعتمدة على آراء غيرها في تحديد مواقفها فإنها أغفلت واحدة من أخطر النقاط بخطاب الأمير كما سأبين لاحقا في هذا المقال، فكل الضجة التي حدثت والمقاطعات والمسيرات والاحتجاجات أساسها تغيير إجرائي بسيط “بالطريقة” التي سيتم بها التصويت بالانتخابات القادمة، فلم يوقف العمل بالدستور مثلا ولم يدع لمجلس وطني بدلا عن مجلس الأمة، فجل ما تغير هو عدد الخانات التي سيضع فيها الناخب فيها علامة صح!

الكثير من الشباب أخذوا الأمر بصورة عاطفية بحتة وربطوها بمسألة الكرامة والإرادة وغيرها من الشعارات “العربية” اللي ما توكل خبز! وذلك أمر تعودنا عليه لأنه من المكونات الأساسية للعجينة المكونة لثقافتنا، فمنذ متى نستطيع العيش دون تلك الشعارات؟! وكيف لحياتنا أن تستمر دون المطالبة باحترام “كرامتنا”؟ رغم أننا بالواقع أول من يمتهن كرامة بعضنا البعض ويمتهن كرامة غيرنا ممن لا يعجبنا من البشر، وذلك موضوع تحدثت عنه أكثر من مرة سابقا ولا داع لإعادة نقاشه هنا.

على خلاف السياسيين الذين يهوون اللعب بمشاعر الجماهير أنا أنسان عملي ومؤمن بالعقل والمنطق ولا أبني مواقفي على الشعارات، فعدد الخانات في ورقة الانتخاب -عمليا- لن يصلح الفساد السائد في الدولة ولن يفسد بقية الصلاح الباقي فيها، وهذه حقيقة، هل ستفسد البلد إن وضعنا صح أم صحين بدلا عن أربعة علامات صح في ورقة الاقتراع؟ وهل سيصلح حال البلد إن وضعنا أربع علامات صح؟ هل ستتوقف السرقات من المال العام؟ هل سينتهي التلوث؟ هل ستنحل أزمة السكن وأزمة الكهرباء والأزمات الاقتصادية؟ هي سينخفض سعر الإنترنت وسعر البيض؟ هل سيزيد الإهتمام بالثقافة والفن والأدب؟ هل سيرتفع مستوى التعليم؟ هل سيلتزم الموظفون ويخلصون لأعمالهم؟ هل ستتوفر فرص العمل المناسبة للخريجين وتنخفض البطالة المقنعة وغير المقنعة؟ هل ستنتهي الإختناقات المرورية وتتصلح الشوارع؟ هل ستنحل مشكلة البدون؟ هل سنفوز بكأس آسيا؟ وهل وهل وهل وهل وهل؟ إن كان كذلك فيالها من أربع “صحات” سحرية تلك التي ستحل لنا كل تلك المشاكل!! كم أتمنى لو كان ذلك صحيحا.. لكن الواقع والتاريخ يخبرنا بأن تلك “الصحات” الأربع لم تنتج لنا سوى مجموعة من المجالس “المحلولة” تحمل ألقابا مثل “مجلس القبيضة” و”مجلس المؤزمين” لم تستطع أن تؤدي واجبها بالتعامل السياسي مع الحكومة ولا أن تسعى نحو التغيير القانوني المناسب لتسهيل عملية أداء ذلك الواجب (علما بأن من أطلقوا تلك الألقاب على تلك المجالس هم أنفسم من يطالبون اليوم بالمحافظة على نفس النظام الانتخابي الذي أنتجها)، بالعقل والمنطق وكل العلوم الإنسانية والمخبرية هناك قاعدة عامة بأنه لا يمكنك أن تحصل على نتائج مختلفة إذا استمريت بتكرار نفس شروط التجربة مرة تلو الأخرى، منطقيا لن ينصلح حال البلد “بالاستمرار” بنفس النظام الذي جربناه وعرفنا نتائجة، فما هو السر إذن في الدفاع عن هذا النظام الإنتخابي الذي لم يخلف لنا سوى الفشل والفوضى السياسية؟

ابحث عن المستفيد

دائما نشاهد المحققين بالأفلام ونقرأ عنهم بالقصص البوليسية عند وقوع جريمة ما أول ما يبحثون عنه هو المستفيد الأول من الجريمة، في حالة جريمة الأزمة السياسية التي تعصف بالبلد من هو المستفيد الأول؟ من هو المستفيد من بقاء النظام الانتخابي الحالي على ما هو عليه؟ ومن هو المتضرر الحقيقي من تغييره؟

دع عنك المبادئ والكرامة والقيم وكلام الشعارات العربية الآن، تلك الشعارات لم نقرأ أنها استخدمت في حل أي جريمة في أي رواية بوليسية، على أرض الواقع وكما يخبرنا التاريخ بوضوح.. أول من سيتضرر من عملية تغيير النظام الانتخابي وعدد الخانات في ورقة الانتخاب هي حسبة بعض السياسيين، وهؤلاء السياسييون – ولا غرابة في ذلك – هم من يستميت حاليا للدفاع عن عدد تلك الخانات!

السياسي بالطبع لن يصرح بأنه خائف على حسبته، لكنه – كالعادة – سيرتدي عباءة “الوطنية” ليظهر بمظهر المدافع عن “كرامة” الشعب وإرادته.. وذلك ليس بأمر جديد.. وقد فصفصته تفصيصا بموضوع الصورة الكبيرة.

ماذا عن الشاب الذي تربى على سماع وترديد الشعارات والأغني الوطنية؟ من يؤمن إيمانا “حقيقيا” بمبادئ الكرامة والعدالة والحرية والديموقراطية؟ ألن يعجبه كلام الساسة وحلاوة ألسنتهم التي تقطر بعسل الوطنية ويتأثر بها ويبذل ما بوسعه لكي يكون له موقف في ظل هذه الظروف التي تضرب “بكرامته” عرض الحائط كما يعتقد؟ أضف لذلك طبعا ما يعايشه هذه الأيام من ثورات ربيعية تحيط به من كل جانب وتأثر بروحه الثائرة والمتمردة على كل القيود الرجعية.

يعني بالنهاية هاذي وطنية مو لعب العيال! وطبعا احنا الشباب لنا الغد.. و احنا الخطاوي الأكيدة على دروب الأمل!

وهكذا يسير الشاب إلى الساحات والمسيرات وهو ما يزال تحت التأثير “التدغيغي” لكلمات السياسيين وشعارات الصائحين دون إعمال حقيقي للعقل الذي يخبره بأنه “بالواقع” إنما يتظاهر ويصيح ويسير حتى تدمي قدماه من أجل “شخطة” على ورقة!

ذلك العقل الذي لو كان استخدمه ذلك الشاب لأدرك المرسوم الأخطر من مرسوم “الخانات” كما ذكرت في مقتبل هذا المقال!

عمليا مرسوم الدوائر لا يهمني وذلك للأسباب التي ذكرتها سابقا ولغيرها من الأسباب القانونية والأدلة الدستورية التي لم أذكرها وإن كنت قد أشرت لبعضها من خلال بعض التغريدات، الأهم من ذلك بالنسبة لي هو ما أطلق عليه مرسوم “نبذ الكراهية وحماية الوحدة الوطنية“، فعند سماعي وقراءتي لمجرد عنوان ذلك المرسوم تبادر إلى ذهني سؤال، ما هو معنى “الوحدة الوطنية” وكيف سندافع عنها بمرسوم؟

مصطلح “الوحدة الوطنية” وحمايتها هي من المواضيع المطاطة التي لا يمكن تعريفها ببساطة، ولا أدري كيف ستتعامل معها المحاكم! لو كنت سأناقش هذا المصطلح لتمكنت من تقديم رسالة ماجستير فيه وليس تغريدة أو موضوعا بمدونة، فوالله لا أدري ما هي مواصفات القاضي الذي سيحكم في قضايا “الوحدة الوطنية” تلك! هل سيكون عالم اجتماع أو خبير سياسي أو ناقد أدبي؟ هل سيحكم في تلك القضايا هومي ك. بابا أم سيحكم فيها إدوارد سعيد أو ابن خلدون رحمهما الله؟ فهؤلاء هم المؤهلون – تقريبا – للحكم في قضايا تتعلق بالـ”وحدة الوطنية”.. لا خريج من كلية الحقوق أو الشريعة!

برأيي مرسوم “الوحدة الوطنية” هو القيد الأساسي الذي يجب أن يولى حقه بالاهتمام والنقاش، لكن بالطبع الناس غفلوا عنه وكأن آذانهم صمت بعد سماعها للفظ تعديل “النظام الانتخابي”! وطبعا ما هو سبب هذا الصمم المؤقت؟ بالتأكيد لأن السياسيين أصحاب الصوت العالي اختاروا تجاهله!

مرسوم “الوحدة الوطنية” يشبه الدرس “غير المقرر” الذي أخبرنا المدرس بأنه “مو داخل بالامتحان” فسارعنا فرحين لتمزيق ورقته أو الشخبطة عليه بعلامة “إكس” كبيرة 😀

مرسوم “الوحدة الوطنية” لا يهم السياسيين لأن لديهم حصانتهم التي تحميهم منه إن نجحوا، وإن تأثروا به كمرشحين فإنهم – كالعادة – سيستغلونه للظهور كأبطال!

مرسوم “الوحدة الوطنية” يشبه كثيرا قانون التجمعات المشؤوم الذي يتجاهل وجوده النواب تحت قبة البرلمان ومن ثم يكونون هم أول من يخالفه في الشارع!

ويتكرر السيناريو مرة تلو الأخرى، النائب محمي بحصانته، المرشح متباه ببطولته، والشاب المتحمس -وهو المتضرر الحقيقي- له الله! وكل شي في سبيل الوطن يهون!!

من أجل الصورة الكبيرة

أنا لست ضد المسيرات ولا ضد قرارات المقاطعة ولا ضد تلوين الأفاتارات بتويتر ولست ضد أي وسيلة تعبير عن الرأي، أنا لا أدعي أن رأيي “السياسي” هو الصحيح وأن آراء الآخرين خطأ فادح، لا أطلب منك قارئي أن تغير قراراتك وقناعاتك لتوافق قناعاتي، لكني إن كنت سأطلب منك شيئا فهو أن تستخدم عقلك قبل عواطفك (رغم ثقتي بصدق تلك العواطف) وأن تأخذ خطوتين للوراء وتنظر للصورة الكبيرة من بعيد، هدف أي حراك سياسي جاد قبل أي شيء هو تحقيق “المصلحة” للأمة، حتى بالشرع هناك قاعدة فقهية تقول بأنه “أينما كانت المصلحة فثم شرع الله”، المصلحة الحقيقية هي تلك التي لها تأثير على حياة الناس في هذا البلد، نعم.. على بعض الشعوب في بعض الأحيان أن تتنازل قليلا عن المثاليات وكلام الكتب إن كان في ذلك مصلحة عامة لهم على المدى البعيد، الكرامة والحرية والعدالة كلها أمور ستأتي في وقتها ورسوخها في هذا البلد أمر مؤكد، ولكن ما فائدة الكرامة في وقت الفساد؟ ما فائدة الحرية في وقت الفوضى؟ وما فائدة العدالة في وقت الكساد؟

يا شباب استخدموا عقولكم ودعوا عنكم الشعارات و”الخطاوي الأكيدة” وكلام الأغاني، فكروا بالمصلحة النهائية والصورة الكبيرة، ناقشوا الموضوع بالعقل قبل الاندفاع نحو الشوارع، فبالشارع ما أنت سوى نقطة واحدة يتم تحريكك وتلوينك دون إرادتك، هذا ليس كلامي ولا رأيي الشخصي! بل الفلاسفة وعلماء الاجتماع وحتى علماء الأحياء والأنثروبولوجيا والإحصاء يؤكدون أن تفكير وتصرفات الفرد إن جلس وفكر بمفرده قد تختلف تماما عن تفكيره وتصرفاته مع الجماعة، لا تعتقد بأن الساسة والإعلامييون يجهلون ذلك! فهم درسوا ذلك وتعلموه ويحاولون تطبيقه علينا في كل وقت ومناسبة بهدف تسييرنا نحو أهدافهم هم بتصويرها كأنها أفكار نابعة من داخلنا! إن كنت لا تصدقني فاقرأ وثقف نفسك وستتعلم كيف تكون واعيا لتلك الحيل والألاعيب التي تمارس عليك وستتعلم كيف تقاومها ولا تتأثر بها، المنطق العلمي والتفكير النقدي من المواضيع التي لم نتعلمها في مدارسنا الحكومية للأسف الشديد.. لذلك علينا أن نتعلمها ذاتيا إن أردنا الفلاح في حياتنا.

وتذكر بأن الإصلاح والبناء الحقيقي للأوطان لن يتم سوى “بيدك” أنت، لا بصراخك وترديدك للشعارات.. خاصة إن كانت الشعارات كتبت بيد غيرك.

وبالختام.. استخدم عقلك، فعقلك هو منحة الله لك.

#سمعا_وطاعة_يا_عقلي

صورة النائب

خليفة القطان، العضو المنتخب، ١٩٦٥
اللوحة أعلاه هي بعنوان “العضو المنتخب” وهي من أعمال الفنان الكويتي الراحل خليفة القطان [1. خليفة القطان والنظرية الدائرية هو موضوع رسالة دكتوراتي] من عام ١٩٦٥، اللوحة تمثل رأي القطان الصريح – وربما شديد القسوة – ببعض الساسة من مرشحي مجلس الأمة الكويتي، نشاهد بالجانب السفلي منها هؤلاء المرشحين في فترة الانتخابات وهم يتمسكنون للناخب ويبدون له وكأنهم حملان بريئة وديعة، ثم بالقسم العلوي نشاهد النائب بعد أن فاز بعضوية المجلس وهو يعطي الناخب الـ”ثمبز داون” والكشرة تشق فاه وكأنه يقول له: “عليك واحد!“.

خليفة القطان، العق لتصل، ١٩٦٧

في هذه اللوحة نجد خليفة القطان يقدم لنا مخلوقا مشابه للمخلوقات في الصورة السابقة وإن كان يبدو أكثر وحشية، نشاهده هنا مستعد للعق أقدام الناخبين في سبيل صعود السلم الأخضر.

هاتين اللوحتين تعتبران مثالين على ما يطلق عليه اسم مرحلة نضج النظرية الدائرية (السيركلزم Circulism) التي قدم خلالها خليفة القطان أجرأ أعماله الناقدة للمجتمع الكويتي خلال فترة ما بعد الاستقلال، وهي ذات الفترة التي شهدت الانتعاش الاقتصادي للدولة وشعبها… وفي نفس الوقت فترة تبدل قيم ومفاهيم ذلك الشعب بسبب ذلك الانتعاش الاقتصادي وما صاحبه من تغيرات اجتماعية.

تذكرت هاتين اللوحتين بعد أن قرأت مؤخرا مقالا للأخ مطقوق في مدونته بعنوان إنردها والذي أقتبس منه هذه الفقرة:

… أنا أجد شعار إنردها أو لنعيدها كما كانت شعارات تلعب على الوتر النوستلجي عند الناخبين , النوستلجيا هي الحنين الى الماضي و الإعتقاد بأنه كان أفضل من الحاضر , و هذا شعور مزيف على العموم , فعن أي ماضي افضل يريدون أن يرجعونا ؟

هل هي فترة الستينيات ؟ ألا يعلمون بأن المجلس الأول كان في 63 و بعده بسنة حصلت الأزمة الوزارية التي كشفت عورة المجلس و الديموقراطية و جعلت رئيس المجلس يستقيل كفرا منه بالمجلس و نوابه الذي لم يكونوا أكثر من شخشيخة بيد هذا الشيخ او ذاك ؟ ألم يسمعوا عن تزوير الإنتخابات في 67 ؟ إنردها حق شنو ؟

هنا نجد بأن خليفة القطان بنظرته المحللة للمجتمع الذي عايشه قد استشف حالة التخلف الاجتماعي/السياسي التي عاشها المجتمع الكويتي وقدم لنا توثيقا فنيا راقيا لتلك الحالة.

[quicktime]http://www.moayad.com/p/taasese.mp4[/quicktime]

يا شيخ!

في مقطع الفيديو الشهير أعلاه نستمع للدكتور أحمد الخطيب متحدثا عن مرحلة بدايات الديموقراطية في الكويت (وهو أحد المعاصرين لتلك المرحلة)، يذكر لنا في هذا الجزء حادثة طريفة حدثت بعد إتمام الانتخابات الأولى للمجلس التأسيسي تتلخص بأن بعض النواب (لجهلهم بأصول الديموقراطية) وفي أول اجتماع لهم اصطفوا من أجل السلام على “زملائهم” الوزراء وتقبيل خشومهم.. لكونهم “شيوخا” طبعا!!

فهل تطورت الديموقراطية منذ ذلك الوقت وتغير المجتمع بشكل متماش مع ذلك التطور؟

صورة الشيخ نعم تغيرت، التقدير الاجتماعي للشيخ في مجتمعنا القبلي ما يزال قائما، لكن سياسيا زالت رهبة المشيخة، فأصبح الشيخ يعامل كأي مواطن عادي يؤدي وظيفته، حتى رئيس الوزراء صار ينتقد ويحاسب بل ويهتف ضده حتى في الشارع، وقس على ذلك حالة بقية الشيوخ في كافة المناصب الحكومية والأهلية.

هل معنى ذلك أن ديموقراطيتنا اكتملت؟

مو لهالدرجة 🙂

لا نستانس كثيرا بتجمعاتنا الإرادية ولعلعتنا بالصحف والدواوين والمدونات وتويتر، فرغم أن هناك أمورا تغيرت للأفضل منذ الستينات إلى الآن إلا أن هنالك أمورا مازالت على حالها… وأخرى سارت للأسوأ!

الوطن، ١٧ يناير ٢٠١٢

يا نايب!

بينما صورة الشيخ السياسة اعتدلت في مجتمعنا.. نجد صورة النائب سارت في طريق مضاد! لسبب ما نجد أن النائب أو حتى المرشح لمجلس الأمة يرسم المجتمع حوله هالة تفوق حجمه الطبيعي بكثير.. سواء كانت هذه الهالة إيجابية أم سلبية، بمعنى آخر نجد من بيننا من يمجد النائب أو المرشح ويمنحه من الصفات والألقاب ما يثير غيرة مغنيي البوب! أصبحنا نرى بعض الشباب (بل وبعض الشياب أيضا) أصبحوا بمثابة المعجبين أو الـFan Boys لهذا النائب (أو المرشح) أو ذاك، بعضهم يزين “أفتاره” بصورهم وأسمائهم وآخر يتغنى بكلماتهم وأقاويلهم، أحدهم يسطر لهم الشعر تمجيدا وآخر ينشد في حبهم الأناشيد.

هل هذا التمجيد للنواب والمرشحين أمر طبيعي؟

كلا! إن كنا تعلمنا من التاريخ شيئا فهو أن “الحي يقلب“! بل أحيانا حتى الميت يقلب!! ألا يدرك أولئك المداحون والممجدون بأن ليس في السياسة صديق دائم ولا عدو دائم؟ وأن من يمدحون اليوم قد يذمون غدا، وأن من يهاجمون اليوم قد يتحسرون على أيامه غدا؟ تلك هي طبيعة السياسة في كل مكان وزمان وهي ليست منا ببعيد.

ألا يدرك أولئك المداحون والممجدون بأن نائب الأمة ما هو إلا موظف يؤدي وظيفة يأخذ عليها معاشا من الدولة… حاله حال شرطي المرور أو موظفة الملفات بالمستوصف؟ نائب الأمة ليس قائدا قوميا يسير خلفه الشعب في طريق الرفعة والسمو، وليس قائدا فكريا تخلد كلماته كنبراس ينير لنا الدروب، وليس نبيا مرسلا يشفي الأبرص والأكمه وتمطر له السماء وينشق له البحر والقمر! نحن من نعطي هؤلاء النواب “خبة” من أنفسهم ونحولهم إلى أسود ضارية حينا وأبقارا حلوبة في حين آخر… بالضبط مثل المخلوقات التي صورها لنا خليفة القطان! نحن من نقوم بنفخ هؤلاء النواب كما كنا ننفخ الشيوخ من قبل، بل حتى أن الشيوخ اليوم أصبحوا يفكرون بترشيح أنفسهم ليحصلوا على بعض المجد الذي يسبغه البعض على مرشحيهم ونوابهم! اليوم أصبحنا نحمل النواب على أكتافنا ونطوقهم بالورود… فأي من الشيوخ اليوم يحصله كتف يحمله؟

نواب على الأكتاف، نوع آخر من 'الفشيلة'؟

أرسلت قبل عام تقريبا مجموعة من التويتات إلى أحد النواب الكرام مخاطبا إياه حول موضوع دوره كنائب ودوري كمواطن والعلاقة بيننا كما بينها الدستور، أخبرته بأن الدستور أعطى القوة والسيادة لي أنا كمواطن وجعلني أنا مصدرا للسلطات جميعها.. أما أنت كنائب فلست سوى أداة من أدواتي التي أستعملها لممارسة سيادتي، أخبرته كذلك بأنه (هو وجميع النواب) ليس قائدا لي… فأنا كمواطن أقوده هو كنائب، وظيفته أن يمثلني ويعبر عن رأيي… لا أن يفرض علي رأيه أو أن يستغلني لتحقيق ما يريده هو، أخبرته كذلك بأني مواطن واع وأعرف ما هو دوري وما هو دوره وأني لن أسمح له بتجاوز هذا الدور باستئساده التغريدي المصطنع. طبعا نظرا للروح الديموقراطية العالية التي يتمتع بها الأخ الفاضل “كشت” بتويتاتي هذه كلها ولم يرد علي إلا عندما هنأته بمناسبة مرور شهر على إنشاء حسابه على تويتر ليشكرني ويدعو الله بأن يمد أعمارنا بالعمل الصالح!!

يعني ما ندعم أحدا من المرشحين؟

ما قلت جذي، إن كنا سندعم ونعمل فذلك يجب أن يكون دعما لفكر المرشح وليس لشخصه، بالوضع الديموقراطي الطبيعي فإن الناخبين يقدمون الدعم للحزب الذي يمثله المرشح وليس للمرشح بذاته، فالفكر العام للحزب هو الذي يعطي له الناخبون دعمهم، النائب كشخص مهما بلغت كاريزميته ومهما كان فلتة زمانه شعبيا فإنه لن يستطيع أن يعيش دور “القائد” لأنه لن يحيد أو “يقلب” على فكر حزبه الا في قرارات محدودة مثل حق الإجهاض أو حق حمل السلاح (كما هو حاصل في أمريكا).. أما التوجه الفكري العام فلن يستطيع التلون فيه كما يشاء من أجل استمالة هذه الفئة أو تلك الطائفة من المجتمع، بالتالي حتى المتطوعون للعمل في الحملات الانتخابية لؤلائك المرشحين ومن يدافعون عنهم في تويتر مثلا إنما يعملون لتوافق فكرهم مع فكر حزب ذلك المرشح وليس لأن ذلك المرشح “بطل” قومي يحمل على الأكتاف، الوضع عندنا في ظل عدم وجود قوانين تنظم العمل الحزبي جعل للأفراد عندنا قوة توازي قوة الأحزاب، فالنائب لديه فرق إعلامية ولديه كتاب بالصحف يكتبون عنه وعن أخباره بل وحتى قنوات فضائية تعمل له… كل ذلك دون حسيب أو رقيب… وهذا أمر غير طبيعي وله نتائج خطيرة.

اقلب الصورة

نحن بحاجة اليوم لكي نعيد صياغة الثقافة الكويتية بحيث نعيد نائب مجلس الأمة إلى حجمه الطبيعي، علينا أن ندرك ماهو دور هذا النائب وما هو دورنا نحن وفقا للدستور، قرأت قبل فترة مجموعة تويتات من أشخاص مختلفين تسأل عن ماهي الصفات الحميدة التي يجب أن يتصف بها النائب المثالي؟ أو تستعرض هذه الصفات بشكل يصور لنا هذا السوبرمان التقي الورع القوي الأمين عريض المنكبين شنكول الحرقات شلولخ الذي يستحق أن نعطيه صوتنا! إشدعوه؟! يجب أن ندرك بأن المرشح بنهاية الأمر إنسان.. وسياسي (بكل ما تمثله هذه الكلمة) ولا شيء أكثر من ذلك.. فلا تعطه أكبر من حجمه حتى لو كان ذاك المرشح صديقك أو حتى أباك! نحتاج كذلك لأن نبدأ التفكير جديا بتنظيم العمل الحزبي السليم بدل حالة السبهللة التي نعيشها حاليا.

البعض منا لديه ترسبات قبلية أو مذهبية أو طائفية تؤثر في اختياره لمرشحه… هؤلاء خارج الحسبة ولست أعنيهم في مقالي هذا لأنهم إلى الآن لم يصلوا للمستوى الثقافي اللازم لإدراك ما أقول في مقالي هذا.. ولأني لا أتحدث أصلا عن أسس اختيار المرشح بل عن تغيير صورة النائب، حديثي اليوم هو لمن يريد أن يرتقي بفكر هذا المجتمع للمرحلة الجديدة من الديموقراطية الكويتية، هؤلاء هم من يعتمد عليهم ومن آمل أن تصل لهم كلماتي، فهل وصلت لكم؟

مجلس التعاون الجديد و المقاومة الثقافية

من خلال رصد ردود الأفعال على خبر انضمام مملكتي الأردن و المغرب لمجلس التعاون لدول الخليج العربي عبر موقع تويتر لاحظت أن هناك نسبة كبيرة من المعترضين على هذا القرار/الفكرة متعللين بالأسباب التالية:‬ 

‫١- جغرافيا.. المملكتان الجديدتان لا تطلان على الخليج العربي. ‬
‫٢- جغرافيا أيضاً.. المغرب بعيدة عن بقية دول المجلس. ‬
‫٣- “عادات و تقاليد” و تراث المملكتين الجديدتين لا ينسجم مع بقية دول المجلس. ‬
‫٤- الأردن كان لها موقف مضاد للكويت أثناء الغزو. ‬
‫٥- المغرب فيها عدد كبير من اليهود و لها علاقات مع إسرائيل… و كذلك الأردن.‬
‫٦- الخوف على رجال الخليج من المغربيات و الأردنيات! (و هذا الرأي الظريف تدور حوله غالبية التويتات الساخرة)‬
‫٦- أن القرار/الفكرة جاء مفاجئا لمواطني الدول المعنية و تم دون أخذ رأيهم أو حتى تمهيد الأمر له.‬
‫ ٧- المجلس بتشكيلته الجديدة أصبح ناديا للممالك و الإمارات و السلطنات العربية. ‬

‫باستثناء النقطتين الأخيرتين أرى أن جميع الأسباب المذكورة واهية و لا ترتكز على قاعدة منطقية:‬

‫فهل حقا أن دول الخليج الحالية متطابقة اجتماعيا و تاريخيا أو حتى سياسيا؟ لو كانت كذلك لما أصبحت ولا ظلت تلك الدول الست ستاً إلى اليوم! الأردن على الأقل ذو نظام قبلي مرتبط ببقية دول الخليج و متداخل معها ، كما أن العائلة المالكة فيه إنما هي من الجزيرة العربية أصلا ، و المجتمع المغربي كذلك -رغم قلة معلوماتي عنه- يتمتع بنسيج قبلي ممتد كما هو حال منطقة شمال أفريقيا قاطبة ، ثقافيا جميع دول المجلس القديمة و الجديدة متقاربة بالعادات و التقاليد الشرقية و حتى بلبس الدشداشة أو الثوب أو الدرّاعة 🙂 نعم اللهجات تختلف… كما تختلف لهجة أهل شرق عن لهجة أهل دبي ، بعض العادات تختلف… كما تختلف عادات أهل مكة عن عادات أهل الدوحة ، و حتى المذاهب الدينية تختلف كما يختلف مذهب أهل المحرق عن مذهب أهل ظفار ، المغرب فيها يهود؟ دول الخليج فيها هنود! و فيها مسيحيين و هندوس و سيخ و ما لا يعلم به غير الله من ديانات و ملل.‬

‫أولى الدول التي كان الحديث يدور حول انضمامها للمجلس كانت العراق و من بعد ذلك اليمن (و قد دخلتا بالفعل من خلال كأس الخليج مؤخرا) ، العائق الأكبر حول انضمام هاتين الدولتين كان النظام السياسي ، فبخلاف الدول الست الاصلية النظام بالعراق و اليمن لا يمكن ضمانه… و هذا الأمر أثبته و مازال يثبته التاريخ ، فصديق اليوم كان عدو الأمس ، و عدو الأمس كان صديق قبل أمس… وهلم جرا ، و النظام السياسي الملكي/الإماري/السلطاني بالإضافة لثباته فإنه يفرض كذلك علاقة خاصة بين الحاكم و المحكوم مرتبطة ارتباطا وثيقا بطبيعة المجتمع القبلية… ذلك أمر طبيعي و عاشت في ظله شعوب المنطقة لقرون طويلة و يستحيل تغييره خلال سنين أو حتى عشرات من السنين.‬

مسألة الرفض الشعبي لقرار/فكرة الانضمام ليست قائمة على الاجتماع و لا السياسة… و بالتأكيد ليست قائمة على الجغرافيا (دول حلف شمال الأطلسي ليست جميعها تطل على المحيط الأطلسي! و قبرص بعيدة نسبيا عن بقية دول الاتحاد الأوربي) ، بل الحاجز القائم هو حاجز ثقافي بالدرجة الأولى ، ‬فلثلاثين عاما كان الخليجيون يغنون على دولهم و شيوخم الست و يرسمون أعلامهم مترابطة ببعض ، حتى سيميائية إعلاميات المجلس تمثل دوله على شكل كتلة مترابطة و تستخدم رموزا دالة على البيئة الخليجية كمراكب الخليج الشراعية أو الصقر أو البحر أو الصحراء ، الخريطة -والتي يستند عليها أصحاب رأي الترابط الجغرافي- هي جزء من شعار المجلس و بعض أهم لجانه ، تلك السيميائيات و الرموز الثقافية دخلت في عمق النسيج الخليجي طوال السنوات الثلاثين الماضية و تغلغلت فيه بشكل يجعله يقاوم أي تغيير يطرأ عليها بغض النظر عن مسألة الأهمية أو المصلحة في ذلك التغيير… تلك هي طبيعة النفس الإنسانية و طبيعة “الثقافة” بحد ذاتها.

أذكر أنه بعد دورة الخليج الأخيرة و التي أقيمت في اليمن و من خلال برنامج تلفزيوني قدم على قناة دبي الرياضية تمت استضافة مجموعة من الفنانين في احتفالية بمناسبة انتهاء الدورة و فوز الكويت بها ، أحد ضيوف البرنامج كانت الفنانة منى شداد (بالإضافة لطارق العلي و عبدالله بالخير و غيرهم) و التي غنت بمصاحبة الفرقة الغنائية أغنية “لا دار لا هنتي ولا هان راعيك” ، مشكلة هذه الأغنية هي أنه يذكر فيها لقب “أبو فيصل” ، و هي أغنية دينامكية و يمكن تغيير كلماتها و محتواها حسب الحاجة أو الزمن أو الوضع السياسي ، فالفنانة منى غيرتها و أضافت لها ألقاب الحكام الحاليين كـ”أبو ناصر” و “أبو متعب” و “أبو سلطان”… الخ ، لكن الفنانة منى شداد “توهقت” في أمرين: أولا، في السلطان قابوس و الذي ذكرت اسمه دون لقب لأن ليس له أبناء ، و ثانيا في حكام العراق و اليمن و الذين “نقفتهم” من لأغنية من الأساس! و أشك أنها تعرف أسماء الأبناء الكبار لجلال الدين طالباني و علي عبدالله الصالح أصلا!! (أنا شخصيا لا أعرف.. هل تعرفهما أنت؟) تذكر اسم الأبناء الكبار للملك عبدالله (أبو حسين) و الملك محمد (أبو حسن) بالتأكيد سيكون أسهل… و لكن إدخال هاذين اللقبين بالأغنية سيحتاج إلى جهد بسبب الممناعة أو المقاومة الثقافية الناتجة عن تأصل فكرة أن دول المجلس ست… و تطل على الخليج العربي ، و الثقافة دائما أمر معقد و يصعب تغييره و إن كان ليس مستحيلا.

جانب من الممناعة الثقافية يأخذ شكلا سلميا و لا يلبث أن يتبدد تدريجيا ، فطبيعة النفس البشرية تقاوم التغيير بشكل طبيعي و تخاف من المجهول كوسيلة بدائية للدفاع عن النفس ، و لكن هناك دائما الممانعة العنيفة… و ليس بالضرورة أن يكون العنف جسديا أو ماديا ، تتبع آراء الناس على تويتر يبين لنا آثار تلك الممانعة العنيفة بشكل لفظي واضح ، فالأردنيين “زلمات” لا نريدهم بيننا! و المغاربة “سحرة” و بناتهم “فاتنات” لشبابنا … و العياذ بالله!! و الرأي من الجهة الأخري قد لا يختلف كثيرا ، فشباب الخليج “مترفون” و “صيّع” و أهله قد “أفسقتهم” ثروتهم البترولية التي لم يتعبوا في تحصيلها! و طبعا نجد بعض الخليجيين خائفين من اقتسام “كيكتهم” و من مشاركة “الغريب” لهم فيها ، “طبعا… فالأردنيين و المغاربة هم من سيستفيد من ثروتنا و يطمع فيها ، أنظر لهم ما أكثرهم! سيغرقون دولنا برعاياهم و ينافسوننا على لقمتنا! سيأكلون خيراتنا (و يسرقون رجالنا)! لا نريدهم و لا نريد قربهم… نحن “زينين” دون دخولهم لمجلسنا.” و هكذا ترتفع الحواجز و الأسوار التي لا ننفك نبنيها و نعليها حولنا ، هي أسوار ثقافية بالدرجة الأولى ، أسوار تلقي بظلالها علينا و تغشي عيوننا و تمنعنا من معرفة إلى أين يؤدي مسارنا.

بعد هذا الكلام… هل أنا إذا أؤيد انضمام الأردن و المغرب لمجلس التعاون؟ أليست فكرة الضم هذه مؤامرة من الحكام على الشعوب؟ أليس في طريقة اتخاذ هذا القرار استخفاف بتلك الشعوب؟ و هل هناك حقا فائدة حقيقية ترتجى من هذا الانضمام؟

هذه الأسئلة لا تهمني هنا و ليس لها علاقة بهذا الموضوع من الأساس! لندع أمور السياسة لأهل السياسة و أمور الاقتصاد لأهل الاقتصاد.. فهم من يستطيعون الإجابة على تلك التساؤلات ، و لكني شخصيا قبل أن أستطيع أن أكون رأيا سياسيا حول هذا الموضوع يجب أن أزيل عن رأسي الغبار الثقافي الذي تراكم عليه خلال الثلاثون عاما الماضية ، يجب أن أفرق بين المصلحة الحقيقية و بين الحواجز النفسية التي تحول دون تحقيق تلك المصلحة ، و أفرق بين رأي من يتكلم في إنطلاقا من المنطق و العقل و من منطقه يقبع تحت ظلال الأسوار الثقافية التي بناها حول نفسه ، موضوعي ليس سياسيا و لا اقتصاديا ، و لكنه مدخل ثقافي للمسألة… و الثقافة هي القاعدة المؤسسة للشعوب و الوقود المحرك لها ، لن نستطيع أن نبني رأيا صائبا ولا قرارا حكيما إن ظللنا نردد نفس الكلام الذي كنا و مازلنا نسمعه من ثلاثين عاما دون أن ندرك بأننا لسنا من يتحدث… و أنما ألسنتنا (و أصابعنا) قد تبرمجت على ما اعتادت سماعه بأن المجلس هو عبارة عن ست دول تطلع على الخليج العربي! لننسى التعريف الذي تعلمناه في كتب الاجتماعيات قليلا… و لنحاول هدم السور و بناء رأي حر جديد تحت ضوء الشمس و مهب الريح.

تويتات إلى فيصل المسلم


@faisalalmuslem أخي فيصل كلمة بقلبي لازم أقولها لك دام انك دخلت التويتر و بهالدخول لازم تسمع الكلام اللي يجيك حتى لو ما يعجبك، صح؟

انا لست بسياسي ولا أحب السياسة من الأساس ، و لكن ما يدفعني للحديث فيها هو نفس ما يدفعكم… حب هذا الوطن @faisalalmuslem

كلمتي تنصب في مبدأ دخولكم عالم التواصل الاجتماعي وهي موجهة لكم و لكل سياسي سواء موجود حاليا على الشبكة أو يفكر في دخولها @faisalalmuslem

أخي فيصل ، بكل صراحة أقولها بأننا لا نريد بل و نرفض أن يستغل التويتر من قبلكم كمنبر لبث الشعارات الدعائية ! @faisalalmuslem

نحن شباب واع و نفهم جيدا الفرق بين الكلمة التي يرسل من خلال الرأي العقلاني و بين الشعارات التي سمعناها مرارا و تكرارا @faisalalmuslem

الشعارات التي لم نأكل من ورائها خبزا كما يقال ! @faisalalmuslem

نحن شباب واع ونعرف ما يجب أن يكون دوركم كنواب لنا،ونعرف بأن الهجوم و الصراخ على الحكومة وعلى بعضكم بعضا ليس ضمن هذا الدور @faisalalmuslem

نحن شباب واع و لنا طموح و أمل في أن يصل صوتنا نحن من خلالكم لأصحاب الشأن ، لا أن تصم آذاننا بأصواتكم أنتم @faisalalmuslem

دستورنا يا أخ فيصل يقول بأننا نحن من لهم السيادة و نحن مصدر السلطات جميعا ، أما أنتم يا نوابنا فمجرد أداة من أدواتنا @faisalalmuslem

أنتم أولا و آخرا أداة لسن القوانين ، لا تظن يا أخ فيصل و يا أخواننا و أخواتنا النواب بأنكم قادة لنا! @faisalalmuslem

لسنا بحاجة لقيادتكم لنا… نحن من يجب أن يقودكم ، نحن نقود و أنتم المنقادين ، تذكرو ذلك جيدا @faisalalmuslem

اليوم يبرز بوضوح أكثر من أي وقت مضى أننا نحن الشعب و نحن الشباب أقوى منكم يا نوابنا @faisalalmuslem

عهد المنابر و الكراسي العالية انتهى فتغريدات التويتر أعلى منها @faisalalmuslem

إن كنت دخلت تويتر و ببالك استغلاله في تجييش متتبعيك و ضمهم تحت لوائك و تحريضهم على أعدائك فأنت غلطان ! @faisalalmuslem

أكتب لك كلامي بعد أربع ساعات من دخولك لعالمي الذي أعيش فيه لأكثر سنة ، و السنة في عالمي هي عمر مديد @faisalalmuslem

أربع ساعات وقد أتحفتنا بثلاث تويتات بدأت باسم الله ثم بكيل اللكمات و الركلات لوزارة الداخلية و الحكومة و رئيس الحكومة @faisalalmuslem

فهل ترى من بيننا أحدا منهم!؟ @faisalalmuslem

ليس لي علاقة بالحكومة لا من قريب و لا من بعيد فلماذا تهاجمها و أنت تقف في ساحة بيتي!؟ @faisalalmuslem

أليس الأصح من ذلك أن على الأقل تبدأ كلامك بالحديث معي أنا و عني أنا @faisalalmuslem

أنا أخوك و ابن بلدك ، إسألني ماذا أريد ، أطلب رأيي ، استفسر عما يشغل بالي ، احمل عني همومي ، هذه هي وظيفة الأخ @faisalalmuslem

إسألني عن رأيي بالحكومة و وزارة الداخلية و المؤتمرات الصحفية @faisalalmuslem

هل حقا تظن بأن رأيك برئيس الوزراء أهم من رأيي؟ ‪:‬D @faisalalmuslem

ليش؟ هل عقلك أكبر من عقلي؟ أم أن هناك من سلطك لتفكر و تقرر عني؟ بالتأكيد الدستور لم يعطك هذا الحق @faisalalmuslem

أنت حر بما تكتب و تنشر ، الدستور يكفل لك ذلك ، و تويتر يكفل أكثر من ذلك ، لكني أعيد تذكيرك بأن عقولنا كبيرة ، فالحذر الحذر @faisalalmuslem

أخي فيصل ، لست بأفضل من الفاروق عمر ، لذلك من حقي أن أقول لك.. استقم ! @faisalalmuslem

انتهى كلامي.. و لم ينته الهم الذي أحمله بقلبي و لن ينتهي حبي للوطن الذي اسطر هذه الكلمات لأجله @faisalalmuslem

——–


أرسلت هذه الرسائل ردا على كلمات الدكتور فيصل المسلم التي ذكرها في حسابه على تويتر الذي قام بإنشائه قبل ساعات قليلة. ما زلت بانتظار الرد.

——–
تحديث :

– بعد مرور 31 يوما و إرسال 36 رسالة إلى الأخ فيصل قام أخيرا بالرد علي ، ما هي الرسالة التي تكرم بالرد عليها؟ و ماذا كان رده؟

fm-reply

لا تعليق !