أرشيف الوسم: موسيقى

مسحراتي مصر البهية

قدم لنا التلفزيون المصري خلال شهر رمضان الحالي (2010) تحفة فنية يومية صاغها الشاعر جمال بخيت شعرا و الموسيقار عمار الشريعي لحنا و أداء و عرضت لنا تحت مسمى “مسحراتي مصر البهية“.

لعل أشهر مسحراتي في تاريخ مصر الحديث هو سيد مكاوي رحمه الله (بالإضافة لبوجسوم الله يعطيه الصحة و العافية 😛 ) ، فالتلفزيون المصري “سحك” أشرطة مكاوي وهو يعرضها كل رمضان إلى أن أتاه الفرج الشريعي هذا العام.

فما هو الجديد الذي قدمه لنا الشريعي؟

باختصار… كل شيء 🙂 فالشريعي مسحراتي مودرن… بل بوست مودرن أحيانا ! ، فشكلا هو يلبس قميصا و بنطالا عصريا و يقدم تسحيراته جالسا وسط مجلس “كشخة” و من حوله السمّيعة الذين طاب لهم الاستماع له أثناء استمتاعهم بكوب من الشاي الساخن ، و أن يكون مسحراتي هذا الزمان “قعـّـادي” هو أمر طبيعي… فلم يتعب قدميه باللف على الحواري عندما يكون بمقدوره أن يدخل البيوت بسهولة أكبر عبر الفضاء من خلال شاشات تلفازهم؟

ليس التقديم فقط ما هو جديد و معاصر… بل حتى المواضيع التي يطرحها يحسده عليها لاري كنج بجلالة قدره! فنجده مرة يتحدث عن الشباب و الفساد و العولمة ، و مرة أخرى عن فلسطين و القومية ، و يستذكر مرة صلاح جاهين و يصحي العم فن في أخرى ، و هذه القضايا و المواضيع لا تقدم بالأسلوب السردي الممل الذي اعتدنا رؤيته بالأعمال العربية… بل تقدم بالأسلوب المسحراتي الشعبي الخفيف الساخر ، بشكل ما تذكرنا بأعمال شعبان عبدالرحيم الله يذكره بالخير 🙂 .. لكن طبعا شتان بين لحن شعبان و كلماته الـ”جينيريك” و بين عبقرية ألحان و توزيع عمار الشريعي الأوبرالية (رغم أنه لم يستخدم أي آلة موسيقية سوى طبلة المسحراتي التقليدية!).




كل موضوع من مواضيع المسحراتي يحتاج لتدوينة كاملة للحديث عنه.. بينما المسحراتي يقدمها في أربع دقائق و بأرقى الأشكال الفنية الممتعة !

و احنا خلونا على الحاضر و المستقبل 😛

————-
حمل نشيدة المسحراتي الختامية مقدمة من مسلم ستارز :

للتحميل

لماذا الحب قاتلنا؟

هل نحن شعوب بلغت فينا العواطف مبلغها و تشربنا الحب حتى بتنا نستنشقه في كل تمديدة من تمددات صدورنا؟

لا أعتقد ذلك!

واقعنا كما نعيشه يوميا لا يبشر بهذا الأمر و لا أعتقد بأن هناك داع لأفصل الأدلة و البراهين على ذلك.

سؤالي الأهم.. و هو محور حديثي اليوم…

لماذا إذن جميع أغانينا العربية هي أغان عاطفية؟

الغناء له الكثير من المجالات ، و لكن لماذا لا تتحدث أغانينا إلا عن الحب أو الشوق أو الهجر أو العذاب؟ ستقول لي بأن هناك الكثير من الأغاني الوطنية و أنت محق في ذلك ، و لكن الدارج بين الناس و المشتهر من ما ينتج من أغان هي الأغاني ذات الطابع العاطفي … الدليل على ذلك يتجلى بنظرة سريعة على أي قائمة توب تن في التلفزيونات أو المجلات العربية.

إن كنت تعتقد بأن هذا الأمر طبيعي و موجود في كل مكان … فأنت غلطان ! 🙂

الجدول التالي فيه مقارنة سريعة بين أغاني التوب تن عندنا و أغاني التوب تن الغربية ، بالنسبة للتوب تن الغربي فاخترت قائمة مجلة Billboard الشهيرة لتكون مصدر الدراسة ، التوب تن العربي اخترت له القائمة الموجودة في موقع إذاعة مارينا أف أم (لأني بصراحة لا أدري على أي القوائم يمكن أن أعتمد… و لا أعرف غيرها حاليا!) .

إليكم هذا الجدول الذي يحتوي على مركز الأغنية و اسمها و اسم مغنيها و تصنيفها ، التصنيف هنا اعتمدت فيه على كلمات الأغنية المجردة ، أي أنه لا يهمني لحن الأغنية أو توزيعها أو تصويرها أو معانيها المبطنة أو حتى مستواها الفكري أو الأخلاقي ، كم تتوقعون هي نسبة تواجد الأغاني العاطفية في التوب تن العربي و كم هي نسبتها في التوب تن الأجنبي؟

النسب؟

النسب واضحة وضوح شمس شهر يونيو 🙂

نسبة الأغاني العاطفية في القائمة العربية = %100

نسبة الأغاني العاطفية في القائمة الأجنبية = %50

سأدع تحليل هذه الأرقام عليكم 🙂

فهل نحن بالفعل شعوب “حبيبه”؟ أم أنها عقدة نقص؟
هل كنا دائما على هذا الحال؟ أم أنها حالة خاصة بزماننا هذا؟
هل هي مسألة عرض و طلب؟ هل الجمهور “عاوز” أغاني حب؟ أم أن المنتجين “عاوزين” جمهور يستمع لهذه الأغاني؟
هل منتجينا لا يعرفون سوى هذا النوع من الغناء؟
هل هناك أيد خفية تريد تخديرنا بجرعات من هذه المشاعر العاطفية؟ (لازم شغل مؤامرات شوي :razz:)
هل هناك مشكلة في أن تكون أغانينا بهذا الشكل؟ و هل نحن بهذه الحال أفضل من الغرب أم الغرب أفضل أم أنه لا فرق؟

موضوع يستحق دراسة عميقة.

——-
ملاحظات:

– القوائم الموجودة بالجدول هي كما وردت وقت كتابة هذا الموضوع (17/6/2010).
– لم أستمع لجميع الأغاني الواردة بتعمق و لكني خمنت المحتوى من الاستماع لمقاطع منها ، فإن كان هناك خطأ بتقييمي لتصنيفها فأرجو توجيهي لذلك.
– بعض الأغاني الأجنبية يصعب تصنيفها بدقة لأن كلماتها فلسفية نوعا ما و تخضع لتحليل المستمع لها… لكنها بالتأكيد ليست عاطفية صرفة.
– أغنية Cuatro Letras كلماتها إسبانية! (ما أدري ليش!) و لكن لقطت منها بضع كلمات (مثل “آمور”) و خمنت أنها عاطفية.
– “تظلمو” تكتب من غير مد واو الجماعة… على خلاف ما هو وارد في موقع المارينا.

التلفزيون المجتر

cow Mother and Child Divided Damien Hirst
Damien Hirst, Mother and Child, Divided (detail), 1993

الاجترار (Rumination) هي عملية تحدث داخل أجسام بعض الحيوانات يتم فيها استرجاع الطعام شبه المهضوم من المعدة إلى الفم مره أخرى من أجل إعادة مضغه، يعني الحيوان المجتر (مثل البقر) يمضغ الشعير مثلا ويبلعه… لكن يبقى منه جزء أليافه عالية جدا وما تقدر المعدة تحلله لذلك تقوم المعدة (المعدة الأولى) بإعادة هذا الطعام إلى الفم مره أخرى علشان يتفتت ويتحلل عدل وبعدين ينبلع مره ثانية، ولهذا السبب نشاهد أحيانا بعض الحيوانات تحرك فمها وكأنها تمضغ شيئا ما رغم عدم وجود طعام بجانبها.

أدري لوعت جبودكم بهالوصف :mrgreen: … بس ميخالف… كله في سبيل العلم 😛

عملية الاجترار يبدو أنها لا تخص فقط الحيوانات المجتره، فهناك كائنات ومنظومات أخرى تقوم بنفس العملية بشكل أو بآخر، فالاجترار أنواع… يعني هناك اجترار سياسي واجترار فكري واجترار ثقافي والتي في كثير من الأحيان لا تقل تلويعا للجبد من الاجترار الغذائي!

تلفزيون الكويت ومنذ سنوات طويلة مارس عملية الاجترار الإعلامي بأشكال مختلفة، بدأتها سهام مبارك ببرنامجها الذي كانت تقدم فيه الأغاني الكويتية والخليجية الأسود وأبيض واللي الناس (أو بالأخص الشياب) حبوه واستانسوا عليه في فترة التسعينات لأنه كان مميزا في فكرته وطريقة طرحه في تلك الفترة، لكن في الآونة الأخيرة يبدو أن أحدا ما لاحظ السهولة الإنتاجية لهذا النوع من البرامج لتنهمل علينا البرامج المستنسِخة له!!

بصراحة لا أستطيع حتى أن أحصى عدد برامج “الاجترار” التي قدمها (أو يقدمها) تلفزيون الكويت لأنه بسبب تشابهها لا أستطيع حتى أن أتذكر أسماءها! يعني في برنامج يقدمه سعد الخلف يحط فيه أغاني ومسلسلات ومسرحيات قديمة، قبل شوي كنت قاعد أطالع برنامج اسمه “زماني” تقدمه مذيعة جديدة ما أعرف اسمها حاطين فيه برامج وثائقية من أيام الحرب الباردة، خلال الدورات القليلة الماضية كان هناك على الأقل برنامجين لهم نفس الفكرة بالضبط وأيضا يقدمونهم مذيعات جدد ما أعرفهم، أضف لذلك برنامج منى طالب اللي تجابل فيه الكاميرا وتسولف لنا عن أيام “الزمن الجميل”.. وبرنامج بدر بورسلي اللي يقابل فيه الشياب والعيايز ويسألهم عن “أيام أول”… وما راح أتكلم عن البرامج العلمية والوثائقية الأثرية اللي يحطونها قبل الفجر!!

أضف إلى ذلك البرنامج الخاص الفذ الذي قدمه تلفزيون الكويت قبل چم أسبوع بمناسبة مرور 46 عاما على تأسيسه واللي يتكلم عن مراحل “تطور” تلفزيون الكويت خلال -شبه- نصف القرن الماضي، ليش ما نطروا لما يكملون نصف قرن كامل؟ الله أعلم!! يمكن الوزير خاف إنه ينشال قبل لا يكمل الأربع سنين اللي بقت 🙄

أوكي… زماننا كان جميلا وقدمنا خلاله أشياء حلوة وتستاهل التوثيق والاستذكار، لكن لي متى بنقعد نسترجع هالتاريخ ونعيد مضغه مرة وثنتين وثلاث؟

بعرف شي واحد، معدي هالبرامج ما سمعوا بشي اسمه يو تيوب؟

ما أبالغ إذا قلت بأن ما يقارب 50% من الفقرات اللي قدمها سعد الخلف في برنامجه موجودة على اليوتيوب ومقدمينها NiceQ8i و K0003 و hummer15al قبلهم، الأمر اللي يخليني أشك إن المعد شاف الفقرات في اليوتيوب وبعدين راح يدورها في مكتبة التلفزيون!

اذا كانت البقرة تلجأ للاجترار توفيرا للغذاء أو حفاظا على جهازها الهضمي، فما هو عذر تلفزيون الكويت؟ ما عندهم فلوس يسوون برامج جديدة؟ أم أن مكتبتهم ما فيها مكان للمزيد منها؟

أحيانا أحس أن تلفزيون الكويت يبيله بلوق خاص فيه من كثر الضيم والبلاوي اللي فيه!

========

تحديث: بدأت كتابة هالموضوع بعد ما شفت برنامج “زماني” مباشرة، بعد ذلك بدأت الأخبار… والآن رجعت لتلفزيون الكويت ولا حاطين برنامج لسعد الخلف اسمه “غشمرة”… أيضا من النوع المجتر!! يعني برنامجي اجترار خلال أقل من ساعتين!!!

تحديث 2: بعد “غشمرة”… التلفزيون يعرض الآن برنامجا “وثائقيا” يحمل اسم “طريق الحرير” ! ضع في بالك أن اليوم هو الجمعة… بداية نهاية الأسبوع!