التجنيد الإلزامي: حل أم سبب للمشاكل؟



قصتي مع التجنيد الإلزامي أليمة… رغم أنني لم أؤد خدمتي العسكرية أصلا! فقد كان اسمي -على ما أظن- مدرج ضمن قائمة الدفعة القادمة من المرشحين للخدمة العسكرية لولا قرار إيقاف العمل بها عام 2001 إن لم تخني الذاكرة (اذا احد عنده تصحيح للمعلومة يا ريت ينورني) ، رغم ذلك فقد سبق أن حوكمت و تبهذلت بسبب تأخري في إصدار دفتر التجنيد… ذلك الدفتر الأحمر الكريه! و لازالت غرامة الـ 50 دينارا التي عوقبت بها تلاحقني مع بعض المعاملات الرسمية التي أقوم بها و سببتلي أزمة محرجة للغاية في المطار في إحدى المرات.. و ذلك رغم إيقاف العمل بالعقوبة.

قد يثير طاري التجنيد جملا مثل “شخباري تجنيد!” أو حتى “تجنيد؟! شنو يعني تجنيد؟” ، عند قيامي بتجميع المعلومات و المصادر قبل كتابة هذا المقال اكتشفت بأنه كانت هناك مطالبات من بعض النواب لإعادة العمل بالتجنيد الإلزامي خلال آخر أيام المجلس السابق … و إن كانت تصريحاتهم و طريقة طرحهم للموضوع تجعلني أفكر بأن نواياهم و أهدافهم “تسييسية” و تجعل من التجنيد مطية للوصول إلى أهداف أخرى…. لكن ما علينا.

“شنو يعني تجنيد؟” … أكيد هناك بعضا من القراء الكرام لم يألفوا التجنيد الإلزامي.. و أنا نوعا ما واحد منهم 🙂 ، و لكن -باختصار- التجنيد الإلزامي ينقسم إلى دورة من التدريب العسكري يقضيها المجند في معسكر التدريب لتعلم الإنضباط العسكري و بعض المهارات القتالية (و إن كانت المهارات القتالية -حسب ما سمعت- لم تعد من أولويات التجنيد في آخر فتراته) ، لا أذكر كم هي مدة هذه الدورة (ما يقارب الشهر.. يكمن.. أو أكثر) يحبس فيها المجند بالمعسكر و لا يسمح له بالخروج منه ، بعد أن يتخرج المجند من الدورة يعود لحياته الطبيعية إلى أن يستدعى إلى الخدمة مرة أخرى لمدة شهر من كل عام في أحد أركان الجيش… يعني يبقى ضمن قوى الاحتياط ، الجدير بالذكر أن التجنيد كان إلزاميا لجميع الكويتيين من الذكور ممن تتراوح أعمارهم بين 18-30 عاما ما لم تنطبق عليهم شروط الإعفاء أو التأجيل.

كنت أفكر قبل فترة بأني مررت بحياتي بالعديد من التجارب و الخبرات المختلفة… و لم يبق لي من خبرات الحياة التي تمنيت اكتسابها إلا العسكرية.. و السجن 🙂 .. بس يعني ما كل ما يتمنى المرء يدركه 😛 ، قد تكون فترة الغزو جمعت بين الخبرتين … و لكن العسكرية بالتأكيد هي تجربة مختلفة و تتطلب تكييفا معينا لطريقة التفكير و التصرف ، من طبيعتي كره الإنضباط و تنفيذ الأوامر دون نقاش أو اقتناع… و هذه أهم متطلبات الحياة العسكرية ، لذلك طالما كرهت الانضمام للخدمة العسكرية أو الإنخراط للتخصص و العمل في المجال العسكري (رغم أني ولدت و عشت في بيت عسكري) رغم اقتناعي بأنني محتاج لذلك… نوعا ما… لاكتمال شخصيتي.

بالتأكيد.. إلغاء التجنيد الإلزامي (تجميد العمل به لكي نكون أكثر دقة) أو التفكير بإعادته هي أمور فيها وجهات نظر مختلفة و لها من السلبيات و الإيجابيات الكثير.

كنت أفكر منذ فترة بأن عودة التجنيد الإلزامي ستساهم بحل مشكلة التطرف الإجتماعي من جهتين ، فهي أولا.. و كما طرح نواب الذين تحثنا عنهم أعلاه.. قد تساهم في تعليم الشباب أن يكونو “رجالا” أشداء منضبطين (و إن كانت الروايات التي سمعناها تدل على أنه حتى في معسكرات التجنيد كان هناك شباب ليسو “مكتملي” الرجوله!) ، و من الناحية الأخرى… العسكرية ستزرع في قلوب الشباب الولاء للوطن و ستفرغ طاقتهم و حبهم للـ”أكشن” بشكل إيجابي ، الأمر الذي سيساهم في امتصاص التطرف ، نعم.. برأيي أن بعض المتطرفين و الجهاديين حبهم للـ”كلاش” يفوق ولائهم لما حملوه من أجله! لسبب ما لم يتطرق أحد لذلك الأمر إلى الآن رغم أن نظرة فاحصة لأدبيات و مواد الحركات الجهادية الإعلامية تكفي لاكتشاف ذلك.

من ناحية أخرى فإن الجيل الكويتي المدني غير المعسكر -رغم ما يقال عن ميوعته و تفاهته.. و تطرفه- ما انفك يثبت لنا مع كل ظرف يطرأ على البلد بأنه جيل واع و مثقف و حر… لا يقبل أن يفرض عليه أمر دون أن يكون له فيه رأي… و تلك هي سيمة الشعوب الحرة التي تسعى لمزيد من التقدم ، في أمريكا و بريطانيا و غيرها من الدول من يعمل في الجيش هم من المتطوعين المحترفين للعسكرية ، الأمر الذي يساهم في زيادة كفاءة تلك الجيوش و احترافيتها ، و لكن ذلك بطبيعة الحال لا يعني بأن جيشنا بوضعه الحالي يحتذي بتلك الجيوش المتقدمة… فبينما الجيوش المتقدمة تحاول استقطاب شبابا من ذوي المؤهلات في كافة الإختصاصات عندنا -للأسف الشديد- الجيش و كافة المؤسسات العسكرية تعتبر الملاذ الأخير لغير الموفقين دراسيا! يعني بينما من لا يوفق دراسيا في تلك الدول يتجه للاعمال المهنية الشاب عندنا يجد في العسكرية حلا سريعا لتجنب تلك الاعمال التي قد نكون أكثر حاجة لها.

الوضع مختل بكلا الحالتين.. بوجود التجنيد الإلزامي و بدونه ، لذلك فالمطلوب هو نظام جديد بالكامل يناسبنا و يحل سلبيات الأنظمة العسكرية الحالية و السابقة ، الحلول “المسيسة” لا تنفع ! الحل يجب أن يكون عمليا لا عاطفيا ، شخصيا.. أقول ياريته يقدم من الحكومة و ليس من المجلس علشان نبتعد عن التسييس اللي ماله داعي لقضية حساسة مثل أمننا القومي.

4 تعليقات على “التجنيد الإلزامي: حل أم سبب للمشاكل؟”

  1. بو دانة
    احنا في بلد مافيه شي يمشي صح
    يعني لو تعدد فوائد التجنيد الالزامي راح تلاقيها لا تعد ولا تحصى
    سواء كانت للفرد او الدولة
    ولكن بلد الواسطات وكسر القوانين تجعل من كل شي ايجابي سلبي

    يعني بصراحة ايام التجنيد اول كان في فئتين

    فئة تنطر وقت التجنيد بفارغ الصبر ويكون هذا الشهر اجمل ايام السنة بالنسبة له
    لان الاخ راح يترخص من دوامه بحجة التجنيد وواسطته تشتغل ويقعد بالبيت او يسافر طول هالشهر بدون لا يطير من رصيد اجازاته يوم واحد
    وهذا الحال اصبح عرف عند الكثير ويمارس امام كبار قادة الجيش في مؤسساتهم والمستفيد منه فئه كبيرة من المجندين ان لم تكن الغالية العظمى من الذين مطلوبين للخدمة

    نروح للفئة الثانية وهي الفئة التي لا تملك واسطة لتلتحق بالفئة الاولى ، حيث يصبح التجنيد كابوس بمعنى الكلمة لهم ، ولك ان تتخيل اي خلل ينتج في التنظيم خصوصا في توزيع هذه القوات واوقات واماكن عملها ، حيث ان الاعداد النهائية للمجندين سوف تقتصر على الارقام الفعلية الموجودة على ارض الواقع، واصحاب فيتامين ” و ” يسعدون بفترة راحة واستجمام

    طبعا بدون ما نذكر باقي الامور اللي تصير داخل المهاجع واللي تعتبر شي صج يفشل

    وللعلم انا كنت مطلوب سنة للتجنيد
    وهذي السنة وقفت امور كثيرة في حياتي
    لا قدرت اكمل دراستي ولا قدرت اشتغل
    بحجة ان كل جهة كانت تطلب اذن من التجنيد
    وطبعا التجنيد ما راح يعطيني اذن لاني مطلوب للخدمة
    الخدمة اللي راح يضيع فيها مستقبلي علشان شنو ؟
    عشان اللي ذكرناه فوق

    تحية للقائمين على تطبيق قانون التجنيد
    واعداد جيل متأخر او ضايع في التحصيل العلمي والوظيفي

    اولويات مقلوبة ودولة فعلا تمشي عالبركة

  2. كلامك فيه حرقة يا عمار 🙂

    قريت مره في إحدى المجلات تقريرا مصورا فيه لقاءات مع جنود احتياط من الجيش الاسرائيلي أثناء فترة الاستدعاء و اللي اهي شهر بالسنة ، آراءهم كانت متباينة.. بعضهم مو عاجبه الوضع و بعضهم عندهم فترة الاستدعاء هي أحسن فترة بالسنة… مو لأنهم راح يهربون مثل ربعنا.. لكن لأن هالفترة بالنسبة لهم هي فترة يرتاحون فيها من روتين حياتهم و يسوون شيء يعتبرونه خدمة لوطنهم ، خاصة و أن بعضهم يخدم بمكان يقارب مجال تخصصه ، و في وحدة بروحها متطوعة للتجنيد و ترجع اسرائيل مره كل سنة من مادري أي دوله اوربية بس علشان فترة الخدمة العسكرية! شلون تفسر هالشي؟

    الشيء المؤكد هو ان في وايد ناس قالت “فكه!” لما صدر قرار تجميد التجنيد الالزامي.. و الآن فقط بدت تحس بأهميته ، لكن يبقى الرك على “شلون” راح يرجع

  3. انا اقول ان التجنيد مافيه فايده الي يبي العسكريه يدخل من كيفه ولي مايبيها براحته ياجماعه الي مافيه حميه لديرته ماراح ينفعه التجنيد بس انتو خليتوها حرب نفسيه ..هذي السعوديه مافيها تجنيد والعسكريه اكثر من المدنيين بس انتو كذا راح تسببون للعالم رعب من الجيش وذا صار تجنيد تخلون المده من 20 سنه الى30 سنه فقط ولاتتعدا 30 سنه

  4. كلامك لا يخلو من الصحة يا أخ فهد

    المفروض إن العسكرية تكون خدمة يقدمها الشاب لوطنه نابعة من حبه للأمر اللي يسويه ، لا أن تكون حكم قدري ينفذه دون حول منه ولا قوة ، كيف نتوقع العطاء من إنسان يشعر بأنه يؤدي حكم مفروض عليه دون دافع؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *